هو محمد بن عبد الله بن سعيد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله، الشهير بلسان الدين ابن الخطيب، الوزير العلّامة المؤرّخ النبيل، صاحب «الإحاطة في تاريخ غرناطة» وغير ذلك من المصنفات المفيدة النافعة.
ولد بمدينة لوشة في الخامس والعشرين من رجب سنة (٧١٣) هـ، وتربى في أحضان أسرته التي عرفت بالأصالة علما وجاها، ونشأ في العاصمة «غرناطة» حيث تلقى بها دراسته على أيدي جهابذة العلماء والأدباء في عصره، فقد كانت غرناطة في ذلك العصر أعظم مركز للدراسات العلمية والأدبية في مغرب العالم الإسلامي.
وكان من الطبيعي أن يتأثر لسان الدين بالجو المحيط بوالده الذي كان يشغل وقتئذ منصب الوزارة في بلاط ملوك بني نصر، حيث وزر للسلطان يوسف بن إسماعيل بن الأحمر، فلما توفي والده دعي لسان الدين ليشغل منصب أبيه وهو في ريعان الشباب كأمين سر أولا لأستاذه رئيس ديوان الإنشاء أبي الحسن علي بن الجباب، ثم تقلّد ديوان الإنشاء بعد وفاة شاغله، وأظهر من البراعة والكفاءة في هذه المناصب ما جعله أهلا لثقة السلطان المذكور، فقلّده السلطان منصب أمانة السر في ديوانه ولمّا يستكمل مرحلة الشباب، وأرسله سفيرا إلى عدد من الملوك، ثم استنابه بدار الملك، وسلّمه خاتمه، وائتمنه على بيت المال، وسجوف حرمه، ومعقل امتناعه، فكانت هذه الفترة هي الفترة الذهبية في حياة هذا العالم الكبير.
ولما توفي السلطان يوسف خلفه ابنه السلطان الغني بالله، فأبقى هذا ابن الخطيب وزيرا له، وهكذا احتل ابن الخطيب مكانة مرموقة في بلاط الغني بالله، حيث جمع في عهده فيما بعد بين وزارة القلم، ووزارة السيف، فلقّب ب «ذي الوزارتين» ، ثم ما لبث السلطان الغني بالله أن انقلب على ابن