فيها نودي ببغداد: لا يقعد على الطريق منجّم، ولا تباع كتب الكلام والفلسفة.
وفيها تمكّن المعتضد أبو العبّاس أحمد بن الموفّق طلحة من الأمور، وأطاعته الأمراء، حتّى ألزم عمّه المعتمد أن يقدّمه في العهد على ابنه المفوّض، ففعل مكرها.
قال أبو العبّاس المذكور: كان المعتمد على الله قد حبسني، فرأيت في منامي وأنا محبوس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، يقول لي: أمر الخلافة يصل إليك فاعتضد بالله وأكرم بنيّ. قال: فانتبهت ودعوت الخادم الذي كان يخدمني في الحبس، وأعطيته فصّ خاتم، وقلت له:
امض إلى النّقّاش وقل له: انقش عليه «المعتضد بالله أمير المؤمنين» فقال:
هذه مخاطرة بالنفس، وأين الخلافة منّا، وغاية أملنا الخلاص من السجن؟
فقلت: امض لما أمرتك، فمضى ونقش عليه ما قلت له بأوضح خط، فقلت: اطلب لي دواة وكاغذا، فجاءني بهما، فجعلت أرتّب الأعمال، وأولّي العمّال وأصحاب الدواوين، فبينما أنا كذلك إذ جاء القوم وأخرجوني، ثم إن المعتمد على الله فوّض ما كان لناصر دين الله الموفّق لولده أحمد المذكور، فاستبدّ بالأمر، واستخفّ بعمّه المعتمد، ولم يرجع إليه في شيء من عقده