في أولها هلك مسلم بن عقبة بهرشى بين مكة والمدينة جبل قريب من الجحفة [١] متجهزا لحرب ابن الزّبير، بعد ما استباح المدينة، وفعل القبائح ابتلاه الله بالماء الأصفر في بطنه، ومن العجب أنه شهد الحرّة وهو مريض في محفة كأنه مجاهد.
ومات يزيد بعده بنيّف وسبعين يوما، توفي بالذبحة وذات الجنب، في نصف ربيع الأول بحمص وله ثمان وثلاثون سنة، وصلى عليه ابنه معاوية، وقيل: ابنه خالد، وكان شديد الأدمة، كثير الشعر، ضخما، عظيم الهامة، في وجهه أثر الجدريّ، وكنيته أبو خالد، قيل: قال له أبوه معاوية رضي الله عنه: بايعت لك النّاس، ومهّدت لك الأمر، ولم يتخلّف عن بيعتك إلا أربعة: الحسين، وعبد الله بن عمر، وابن الزّبير، وعبد الرّحمن ابن أبي بكر، فاستوص بالحسين خيرا لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لحمه ودمه، وأما عبد الله بن عمر فقد وقّرته العبادة، فليس له في الملك حاجة، وأما عبد الرّحمن فمغرم بالنساء، فأذعنه بالمال، وأما الذي يثب عليك وثب الأسد، فكذا وكذا، وذكر كلاما معناه التحريض على قتاله، وكانت ولايته ثلاث سنين وثمانية