قال في «الشذور» : فيها صلّى النّاس العصر يوم عرفة ببغداد في ثياب الصيف، ثم هبّت ريح، فبرد الهواء حتّى احتاجوا إلى التدفّي بالنّار، وجمد الماء. انتهى.
وفيها خرج بالشّام يحيى بن زكرويه القرمطيّ، وقصد دمشق، فحاربه طغج بن جف متولّيها غير مرّة، إلى أن قتل يحيى في أول سنة تسعين.
وفيها توفي المعتضد أبو العبّاس أحمد بن الموفق وليّ عهد المسلمين، أبي أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم العبّاسيّ، في ربيع الآخر، ومرض أياما، وكانت خلافته أقلّ من عشر سنين، وعاش ستّا وأربعين سنة، وكان أسمر نحيفا معتدل الخلق، تغيّر مزاجه من إفراط الجماع، وعدم الحمية في مرضه، وكان شجاعا، مهيبا، حازما، فيه تشيّع، ويسمى السّفّاح الصغير، لأنه قتل أعداء بني العبّاس من مواليهم وغيرهم، وكان قد سلب [١] الدهر شطريه، وتأدب بصروف الزمان، وكان من أكمل الخلفاء المتأخرين، وولي الأمر بعده ولده المكتفي علي بن أحمد المعتضد.
قال ابن الفرات: كان المعتضد بالله من أكمل النّاس عقلا، وأعلاهم همّة، مقداما، عالما، سخيّا. وضع عن الناس السقايا، وأسقط المكوس