للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة ثماني عشرة ومائتين]

فيها احتفل المأمون لبناء مدينة طوانة من أرض الرّوم [١] وحشد لها الصنّاع من البلاد، وأمر ببنائها ميلا في ميل [٢] وولّى ولده العبّاس أمر بنائها.

وفيها امتحن المأمون العلماء بخلق القرآن، وكتب في ذلك إلى نائبه على بغداد، وبالغ في ذلك، وقام في هذه البدعة قيام متعبّد بها، فأجاب أكثر العلماء على سبيل الإكراه، وتوقف طائفة ثم أجابوا وناظروا فلم يلتفت إلى قولهم، وعظمت المصيبة بذلك وتهدّد على ذلك بالقتل، ولم يصب [أحد] [٣] من علماء العراق إلّا أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، فقيّدا وأرسلا إلى المأمون وهو بطرسوس. فلما بلغا الرّقّة جاءهم الفرج بموت المأمون.

قال ابن الأهدل: ومرض محمد بن نوح ومات بالطريق، وهو الذي كان يشدّ أزر أحمد ويشجّعه.

ولما مات المأمون عهد إلى أخيه المعتصم، فامتحن الإمام أيضا وضرب


[١] قلت: وتقع الآن في الجنوب الأوسط من تركيا المعاصرة. وانظر «معجم البلدان» (٤٥- ٤٦) .
[٢] قال ابن منظور: الميل من الأرض: قدر منتهى مدّ البصر، والجمع أميال وميول. «لسان العرب» : (ميل) .
قلت: ومساحة الميل المربع في أيامنا تساوي ألفا وخمسمئة متر مربع تقريبا.
[٣] في الأصل، والمطبوع: «ولم يصف» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي (١/ ٣٧٣) ، ولفظة: «أحد» التي بين حاصرتين زيادة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>