فيها استولى طغرلبك السلجوقي على الرّيّ، وخرّبها [١] عسكره بالقتل والنهب، حتّى لم يبق بها إلّا نحو ثلاثة آلاف نفس، وجاءت رسل طغرلبك إلى بغداد، فأرسل القاضي الماوردي إليه بذم ما صنع في البلاد، ويأمره بالإحسان إلى الرعية، فتلقّاه طغرلبك واحترمه، إجلالا لرسالة الخليفة.
واتفق موت جلال الدولة السلطان ببغداد بالخوانيق، وكان ابنه الملك العزيز بواسط.
وكان جلال الدولة ملكا جليلا سليم الباطن، ضعيف السلطنة، مصرّا على اللهو والشرب، مهملا لأمر الرعية، عاش اثنتين وخمسين سنة، وكانت دولته سبع عشرة سنة، وخلّف عشرين ولدا بنين وبنات، ودفن بدار السلطنة ببغداد ثم نقل.
وفيها توفي أبو الحزم، جهور بن محمد بن جهور، أمير قرطبة ورئيسها وصاحبها، ساس البلد أحسن سياسة، وكان من رجال الدّهر حزما، وعزما، ودهاء، ورأيا، ولم يتسمّ بالملك، وقال: أنا أدبر الناس إلى أن يقوم لهم من يصلح، فجعل ارتفاع الأموال بأيدي الأكابر وديعة، وصيّر العوّام جندا، وأعطاهم أموالا مضاربة، وقرر عليهم السلاح والعدّة، وكان يشهد الجنائز ويعود المرضى، وهو بزيّ الصالحين، لم يتحول من داره إلى دار السلطنة، وتوفي في المحروم، عن إحدى وسبعين سنة، وولي بعده ابنه أبو الوليد.
[١] تحرّفت في «آ» و «ط» إلى «وخسر بها» والتصحيح من «العبر» .