فيها ألحّ المهديّ على وليّ العهد عيسى بن موسى بكل ممكن، وبالرّغبة والرّهبة في خلع نفسه ليولّي العهد لولده موسى الهادي، فأجاب خوفا على نفسه، فأعطاه المهديّ عشرة آلاف درهم وإقطاعات.
وفيها بنى المهديّ مسجد الرّصافة، وأعتق الخيزران وتزوّجها.
وفيها توفي الإمام أبو الحارث محمّد بن عبد الرّحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب هشام بن شعبة القرشيّ العامريّ المدنيّ الفقيه، ومولده سنة ثمان. روى عن عكرمة، ونافع، وخلق.
قال أحمد بن حنبل: كان يشبّه بسعيد بن المسيّب، وما خلّف مثله.
كان أفضل من مالك، إلّا أنّ مالكا أشدّ تنقية للرّجال.
وقال الواقديّ: كان ابن أبي ذئب يصلّي الليل أجمع، ويجتهد في العبادة، فلو قيل له: إن القيامة تقوم غدا ما كان فيه مزيد من الاجتهاد.
وقال أخوه: إنه كان يصوم يوما ويفطر يوما، ثم سرده، وكان شديد الحال، يتعشّى بالخبز والزّيت، وكان من رجال العالم صرامة وقولا بالحقّ.
وكان يحفظ حديثه، لم يكن له كتاب.
وقال أحمد: دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر- يعني المنصور- فلم