استهلّت والفرنج على المنصورة والمسلمون بإزائهم مستظهرون لانقطاع الميرة عن الفرنج، ولوقوع المرض في خيلهم، ثم عزم ملكهم الفرنسيس على المسير في الليل إلى دمياط، ففهمها المسلمون، وكان الفرنج قد عملوا جسرا من صنوبر على النيل، فنسوا قطعة، فعبر عليه الناس وأحدقوا بهم، فاجتمع إلى الفرنسيس خمسمائة فارس من أبطاله، وحملوا على المسلمين حملة واحدة، ففرّج لهم المسلمون، فلما صاروا في وسطهم أطبقوا عليهم، فلم ينج منهم أحد، ومسّكوا الفرنسيس أسرة سيف الدّين القيمري باني المارستان في صالحية دمشق وانهزم جلّ الفرنج على حمية، فحمل عليهم المسلمون، ووضعوا فيهم السيف، وغنم الناس ما لا يحدّ ولا يوصف، وأركب الفرنسيس في حرّاقة والمراكب الإسلامية محدقة به تخفق بالكوسات والطبول، وفي البرّ الشرقي الجيش سائر تحت ألوية النصر، وفي البر الغربي العربان والعوام. وكانت ساعة عجيبة، واعتقل الفرنسيس بالمنصورة، وذلك في أول يوم من المحرّم.
قال سعد الدّين بن حمّويه: كانت الأسرى نيفا وعشرين ألفا، فيهم ملوك وكبار، وكانت القتلى سبعة آلاف، واستشهد من المسلمين نحو مائة نفس، وخلع الملك المعظّم على الكبار من الفرنج خمسين خلعة، فامتنع