للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة خمس وثمانين وسبعمائة]

فيها أحدث المؤذنون عقب الأذان الصّلاة والتّسليم على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وذلك بأمر نجم الدّين الطّنبذي المحتسب [١] .

وفيها قبض برقوق على الخليفة المتوكل وخلعه وحبسه بقلعة الجبل، وبويع بالخلافة محمد بن إبراهيم بن المستمسك بالله بن الحاكم العبّاسي ولقّب الواثق بالله.

وفي جمادى الآخرة منها أعيد الصّالح حاجي إلى السلطنة وغيّر لقبه بالمنصور، وحبس برقوق بالكرك ثم خرج من الحبس وعاد إلى ملكه.

وفيها توفي شهاب الدّين أحمد بن عبد الله التّهامي [٢] قاضي الشرع بزبيد. قضى بها نيفا وخمسين سنة، وتوفي في جمادى الآخرة.


[١] قلت: إن كانت الصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من القربات إلى الله تعالى، ومما حضّ عليه التنزيل العزيز في قوله تعالى: إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ٣٣: ٥٦ (الأحزاب: ٥٦) . وحضت عليه السّنّة المطهّرة في أحاديث كثيرة كحديث «البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ» وهو حديث صحيح انظر تخريجه في «جلاء الأفهام» ص (٩٠) ، إلّا أن ذلك لا يعني التساهل في الجهر بالصلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الأذان الذي علّمه الملك للصحابي الجليل عبد الله بن زيد الأنصاري ونقله إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما علّمه إيّاه فبدأ ب «الله أكبر» ، وانتهى ب «لا إله إلّا الله» وما زاد على ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا، وما زاد عليه الخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم، ولا التابعون ولا أتباع التابعين ومن بعدهم، حتى كانت هذه السنة (٧٨٥) هـ التي أحدثت فيها هذه الصلاة بأمر نجم الدّين الطّنبذي هذا، ثم أخذ بها المقلدون من المشايخ والعوام وزادوا فيها الكثير الكثير إلى أن بلغت الصلاة على النّبيّ في بعض المساجد عندنا في الشام أطول ألفاظا من الأذان أو هي قريبة منه ولا حول ولا قوة إلا باللَّه، ونسأله تعالى أن يوفقنا إلى النهج السليم والعمل الصالح واتباع النصوص، وإن خالفت هوى المخالفين وأسخطتهم.
[٢] انظر «إنباء الغمر» (٢/ ١٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>