فيها سار جيش العراق، والجزيرة لغزو الدّيلم، وعلى النّاس محمّد بن السّفّاح.
وحج بالنّاس المنصور، وأهمّه شأن محمّد بن عبد الله بن حسن، وأخيه إبراهيم لتخلّفهما عن الحضور عنده، فوضع عليهما العيون [١] وبذل الأموال، وبالغ في تطلّبهما لأنه عرف مرامهما، وقبض على أبيهما فسجنه في بضعة عشر من أهل البيت وماتوا في سجنه.
قيل: طرحهم في بيت وطيّن عليهم حتّى ماتوا.
ولما بلغ محمّدا وفاة أبيه ثار بالمدينة، وسجن متولّيها، وتتبّع أصحابه، وخطب النّاس، وبايعوه طوعا وكرها، واستعمل على مكّة، واليمن، والشّام عمّالا لم يتمكّنوا، وأحبّه النّاس حبّا عظيما، وكان فيه من الكمال وخصال الفضل، ويشبه النّبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- في الخلق والخلق، واسمه واسم أبيه، حتّى قيل: إن خاتمه بين كتفيه، وكان أهل المدينة يعدون فيه من الكمال ما لو جاز أن يبعث الله نبيا بعد محمّد- صلّى الله عليه وسلّم- لكان هو.
وتكاتب هو والمنصور مكاتبات عظيمة، ولكليهما قول فصل جزل، والحق والتحقيق في جانب محمّد.
[١] أي الجواسيس. قال ابن منظور: قال ابن سيدة: العين الذي يبعث ليتجسس الخبر، ويسمى ذا العينين، ويقال تسمية العرب ذا العينين وذا العوينتين، كله بمعنى واحد «لسان العرب» (عين) .