فيها وثب مملوك يقال له: آي قجا من مماليك السلطان علي شيخو الناصريّ وكان شيخو هذا تقدم في أيام المظفّر واستقرّ في أول دولة الناصر حسن من رؤوس أهل المشورة، ثم كاتب القصص، إلى أن صار زمام الملك بيده وعظم شأنه في سنة إحدى وخمسين. كتب له بنيابة طرابلس وهو في الصّيد، فساروا به إلى دمشق، فوصل أمر بإمساكه، فأمسك وأرسل إلى الاسكندرية، فسجن بها، فلما استقرّ الصّالح أفرج عنه في رجب سنة اثنتين وخمسين، واستقرّ على عادته أولا، وكثر دخله حتّى قيل: إنه كان يدخل له من إقطاعه وأملاكه ومستأجراته في كل يوم مائتا ألف، ولم يسمع بمثل ذلك في الدولة التركية، ولما وثب عليه المملوك وجرحه بالسيف في وجهه وفي يده اضطرب الناس، فمات من الزّحام عدد كثير، وأمسك المملوك، فقال: ما أمرني أحد بضربه ولكني قدمت له قصّة فما قضى حاجتي، فطيف بالمملوك، وقتل، وقطبت جراحات شيخو، فأقام نحو ثلاثة أيام والناس تعوده، السلطان فمن دونه، ثم مات في سادس عشر ذي القعدة وترك من الأموال ما لا يحصى.
وفيها توفي شهاب الدّين أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد المحسن المصري العسجدي [١] .
ولد في رمضان سنة ست وثمانين وستمائة، وطلب الحديث وهو كبير،
[١] انظر «الوافي بالوفيات» (٨/ ٤٢- ٤٣) و «تذكرة النّبيه» (٣/ ٢١١) و «النجوم الزاهرة» (١٠/ ٣٢٧) و «الدّرر الكامنة» (١/ ٢٨٦- ٢٨٩) .