للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة سبع وسبعين وخمسمائة]

فيها توفي الملك الصالح أبو الفتح إسماعيل بن السلطان نور الدّين محمود بن زنكي، ختنه أبوه [وعمل] وقتا باهرا، وزيّنت دمشق لختانه، ثم مات أبوه بعد ختانه بأيّام، وأوصى له بالسلطنة، فلم تتم له، وبقيت له حلب، وكان شابا ديّنا عاقلا محببا إلى الحلبيين إلى الغاية، بحيث إنهم قاتلوا عن حلب صلاح الدّين قتال الموت، وما تركوا شيئا من مجهودهم، ولما مرض بالقولنج في رجب ومات أقاموا عليه المآتم [١] وبالغوا في النوح والبكاء، وفرشوا الرّماد في الطّرق، وكان له تسع عشرة سنة، وأوصى بحلب لابن عمّه عز الدّين مسعود بن مودود فجاء وتملّكها.

ولما كان إسماعيل بالقولنج وصف له الأطباء قليل خمر، فقال: لا أفعل حتّى أسأل الفقهاء، فسأل الشافعية فأفتوه بالجواز، وسأل العلاء الكاساني فأفتاه بالجواز أيضا، فقال له: إن كان الله قرّب أجلي يؤخره شرب الخمر؟

فقال: لا، فقال: والله لا لقيت الله وقد فعلت ما حرّم عليّ، ومات ولم يشربه، رحمه الله تعالى.

وفيها الكمال بن الأنباري النّحويّ العبد الصالح أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الشافعي، تفقّه بالنظامية على ابن الرزّاز،


[١] في «العبر» بطبعتيه: «المأتم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>