للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين يديه بالسّياط، حتّى غشي، ثم أطلقه وندم على ضربه، ولحق من تولى ضربه عقوبات ظاهرة.

وكان المأمون يكنى بأبي العبّاس ويسمّى بعبد الله، وكان أبيض ربعة، حسن الوجه، أعين، أديبا، شجاعا، له همّة عالية في الجهاد، ومشاركته في علوم كثيرة. وكان في اعتقاده معتزليا شيعيا. استقل بالخلافة عشرين سنة، ومات وله ثمان وأربعون سنة. انتهى كلام ابن الأهدل.

وقال ابن الفرات: روى يحيى بن حمّاد الموكبيّ عن أبيه قال:

وصفت للمأمون- رحمه الله- جارية بكل ما توصف به امرأة من الجمال والكمال، فبعث في شرائها، فأتي بها في وقت خروجه إلى بلاد الرّوم، فلما همّ بلبس درعه خطرت بباله، فأمر بإخراجها فأخرجت إليه، فلما نظر إليها أعجب بها وأعجبت به، فقالت: ما هذا؟ قال: أريد الخروج إلى بلاد الرّوم، فقالت: يا سيدي قتلتني والله، وتحدّرت دموعها وأنشأت:

سأدعو دعوة المضطرّ ربّا ... يثيب على الدّعاء ويستجيب

لعلّ الله أن يكفيك حربا [١] ... ويجمعنا كما تهوى القلوب [٢]

فضمّها المأمون إلى صدره وأنشد:

فيا حسنها إذ يغسل الدّمع كحلها ... وإذ هي تذري دمعها بالأنامل [٣]

صبيحة قالت في الوداع [٤] قتلتني ... وقتلي بما قالت بتلك المحافل

ثم قال للخادم: احتفظ بها وأصلح لها ما تحتاج إليه من المقاصير


[١] في الأصل، والمطبوع: «أن يكفيك حزنا» ، والتصحيح من «الجليس والأنيس» للنهرواني (١/ ٤٢٦) المطبوع في بيروت بتحقيق الدكتور محمد مرسي الخولي رحمه الله تعالى.
[٢] البيتان في «الجليس والأنيس» للنهرواني (١/ ٤٢٦) .
[٣] في «الجليس والأنيس» : وإذا هي تذري الدمع منها الأنامل.
[٤] في «الجليس والأنيس» : «في العتاب» والبيتان فيه (١/ ٤٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>