للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم من الاختلاف إليه، فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ، فنادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه، حتّى هجر وخرج من نيسابور في تلك المحنة، وقطعه أكثر النّاس غير مسلم، فإنه لم يتخلّف عن زيارته، فانتهى [١] إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجّاج على مذهبه قديما وحديثا، وأنه عوقب على ذلك بالحجاز، والعراق، ولم يرجع عنه، فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى قال في آخر مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته، وقام على رؤوس النّاس وخرج عن مجلسه، وجمع كل ما كتب منه وبعث به على ظهر حمّال إلى باب محمد بن يحيى، فاستحكمت بذلك الوحشة وتخلّف عنه وعن زياراته.

ومحمد هذا هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذّهلي النيسابوري، كان أحد الحفّاظ الأعيان. روى عنه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وكان ثقة مأمونا، وكان سبب الوحشة بينه وبين البخاري، أنه لما دخل البخاريّ مدينة نيسابور شنّع [٢] عليه محمد بن يحيى في مسألة خلق اللفظ، وكان قد سمع منه، فلم يمكنه ترك الرواية عنه، وروى عنه في الصوم، والطب، والجنائز، والعتق، وغير ذلك، مقدار ثلاثين موضعا، ولم يصرّح باسمه، لا يقول [٣] : حدّثنا محمد بن يحيى الذّهلي، بل يقول: حدّثنا محمد، ولا يزيد عليه أو يقول [٤] : محمد بن عبد الله [فينسبه إلى


[١] في المطبوع، و «وفيات الأعيان» : «فأنهي» .
[٢] تحرّفت في «وفيات الأعيان» إلى «شعث» فتصحح فيه.
[٣] في «وفيات الأعيان» : «فيقول» .
[٤] في «وفيات الأعيان» : «ويقول» .

<<  <  ج: ص:  >  >>