وفيها أحمد بن يوسف السّلميّ النيسابوريّ [١] الحافظ، أحد الأثبات، ويلقب حمدان. كان ممّن رحل إلى اليمن، وأكثر عن عبد الرزاق وطبقته، وكان يقول: كتبت عن عبيد الله بن موسى ثلاثين ألف حديث، وكان ثقة.
وفيها المزنيّ الفقيه، أبو إبراهيم، إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المصريّ، صاحب الشافعي في ربيع الأول، وهو في عشر التسعين.
قال الشافعيّ: المزنيّ ناصر مذهبي.
وكان زاهدا عابدا يغسّل الموتى حسبة. صنّف «الجامع الكبير» و « [الجامع] الصغير» ومختصره «مختصر المزني» و «المنثور» و «المسائل المعتبرة» و «الترغيب في العلم» و «كتاب الوثاق» وغيرها، وصلّى لكل مسألة في مختصره ركعتين، فصار أصل الكتب المصنفة في المذهب، وعلى منواله رتّبوا، ولكلامه فسّروا وشرحوا، وكان مجاب الدعوة، عظيم الورع، حكي عنه أنه كان إذا فاتته الجماعة صلّى منفردا خمسا وعشرين مرّة، ولم يتقدم عليه أحد من أصحاب الشافعي، وهو الذي تولى غسله يوم مات. قيل:
وعاونه الرّبيع، ودفن إلى جنبه بالقرافة الصغرى، ونسبته إلى مزينة بنت كلب بن وبرة أمّ القبيلة المشهورة. انتهى.
وفيها أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم القرشيّ مولاهم الرّازيّ الحافظ، أحد الأئمة الأعلام في آخر يوم من السنة. رحل وسمع من أبي نعيم، والقعنبي وطبقتهما.
قال أبو حاتم: لم يخلّف بعده مثله علما، وفقها، وصيانة، وصدقا، وهذا ما لا يرتاب فيه، ولا أعلم في المشرق والمغرب من كان يفهم هذا
[١] انظر ترجمته ومصادرها في «الأنساب» للسمعاني (٧/ ١١٢) ، و «تهذيب الكمال» للمزّي (١/ ٥٢٢) ، و «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٢/ ٣٨٤- ٣٨٨) .