للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومائتين، وملك أحمد الدّيار المصرية ستة عشرة سنة.

قال ابن الجوزي في كتابه «شذور العقود في التاريخ العهود» [١] :

أحمد بن طولون، وكان أبوه طولون تركيا من مماليك المأمون فولد له أحمد، وكان عالي الهمّة، ولم يزل يرتقي حتّى ولي مصر، فركب يوما إلى الصيد، فغاصت رجل دابة بعض أصحابه في مكان من البرية، فأمر بكشف المكان، فوجد مطلبا، فإذا فيه من المال ما قيمته ألف ألف دينار، فبنى الجامع المعروف بين مصر والقاهرة، وتصدّق ببعض، فقال له وكيله يوما: ربما امتدت إليّ الكفّ المطرّفة [٢] والمعصم فيه السّوار، والكم الناعم، أفأمنع هذه الطبقة، فقال له: ويحك هؤلاء المستورون الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفّف احذر [أن] تردّ يدا امتدت إليك، وكان يجري على أهل المساجد كل شهر ألف دينار، وعلى فقراء الثغر كذلك، وبعث إلى فقراء بغداد في مدة ولايته ما بلغ ألفي ألف ومائتين ألف دينار، وكان راتب مطبخه كل يوم ألف دينار، ولما مرض خرج المسلمون بالمصاحف، واليهود بالتوراة، والنصارى بالإنجيل، والمعلّمون بالصبيان إلى الصحراء والمساجد، يدعون له، فلما أحسّ بالموت رفع يده وقال: يا ربّ ارحم من جهل مقدار نفسه [٣] وأبطره حلمك عنه، وخلّف ثلاثة وثلاثين ولدا، وعشرة آلاف ألف دينار، وسبعة آلاف مملوك، وسبعة آلاف فرس، وكان خراج مصر في أيامه أربعة آلاف ألف وثلاثمائة ألف دينار، وكان بعض النّاس يقرأ عند قبره فانقطع عنه، فسئل عن ذلك، فقال رأيته في المنام فقال لي: أحبّ أن لا يقرأ


[١] في الأصل، والمطبوع: «شذور العقود في التاريخ المعهود» والتصحيح من «كشف الظنون» (٢/ ١٠٣٠) .
[٢] في المطبوع: «المظرفة» وهو تصحيف، وانظر «لسان العرب» (طرف) .
[٣] في المطبوع: «فقدان نفسه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>