للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بينه وبين ابن مكرم مداعبات فسمع ابن مكرم رجلا يقول: من ذهب بصره قلّت حيلته، فقال: ما أغفلك عن أبي العيناء! ذهب بصره فعظمت حيلته.

وقد ألمّ أبو علي البصير بهذا المعنى، يشير به إلى أبي العيناء:

قد كنت خفت يد الزّما ... ن عليك إذ ذهب البصر

لم أدر أنّك بالعمى ... تغنى ويفتقر البشر [١]

وقال له ابن مكرم يوما يعرّض به: كم عدد المكدّين بالبصرة؟ فقال:

مثل عدد البغائين ببغداد.

وروي عنه أنه قال: كنت عند أبي الحكم إذ أتاه رجل فقال له:

وعدتني وعدا، فإن رأيت أن تنجزه، فقال: ما أذكره، فقال: إن لم تذكره فلأن من تعده مثلي كثير، وأنا لا أنساه، لأن من أسأله مثلك قليل، فقال:

أحسنت، لله أبوك، وقضى حاجته.

وكان جدّه الأكبر لقي علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فأعياه [في] المخاطبة معه، فدعا عليه بالعمى له ولولده، فكلّ من عمي من ولد جدّ أبي العيناء فهو صحيح النسب فيهم، هكذا قاله أبو سعد الطلحي [٢] وخرج من البصرة وهو بصير، وقدم سرّ من رأى، فاعتلت عيناه، فعمي [وسكن بغداد مدة] [٣] وعاد إلى البصرة ومات بها. انتهى ما أورده ابن خلّكان مخلصا [٤] .


[١] البيتان في «وفيات الأعيان» (٤/ ٣٤٥) ، و «نكت الهيمان» ص (٢٦٥) ، و «الوافي بالوفيات» (٤/ ٣٤١) .
[٢] في المطبوع: «أبو سعد الطلمي» ، وفي «وفيات الأعيان» : «أبو سعيد الطلحي» .
[٣] زيادة من «وفيات الأعيان» .
[٤] قلت: وفيها مات الإمام المؤرّخ المهندس أبو حنيفة أحمد بن داود بن ونند الدّينوري، أحد نوابغ الدهر، وصاحب «الأخبار الطوال» وغير ذلك من المصنفات النافعة. وقد استوفيت التعريف به في مقدمتي لهذا الكتاب (١/ ٢٨- ٢٩) وانظر «الأعلام» للزركلي (١/ ١٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>