للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: ارجع إلى منزلك وافعل ما آمرك به، فرجعت، فبعث لي سبعة آلاف دينار، وقال: ادّخر هذه للحوادث من بعدي، ولك عليّ الجراية والكفاية ما دمت حيّا.

ومن أخبار البحتري أنه كان له غلام اسمه نسيم، فباعه، فاشتراه أبو الفضل الحسن بن وهب الكاتب، ثمّ إن البحتريّ ندم على بيعه وتتبعته نفسه، فكان يعمل فيه الشعر، ويذكر فيه أنه خدع، وأن بيعه له لم يكن عن مراده، فمن ذلك قوله:

أنسيم هل للدّهر وعد صادق ... فيما يؤمّله المحبّ الوامق

ما لي فقدتك في المنام ولم تزل ... عون المشوق إذا جفاه الشّائق

اليوم جاز بي الهوى مقداره ... في أهله وعلمت أني عاشق

فليهنأ الحسن بن وهب انه ... يلقى أحبّته ونحن نفارق [١]

وكان البحتريّ كثيرا ما ينشد لبعض الشعراء، ويعجبه قوله:

حمام الأراك ألا فأخبرينا ... لمن تندبين ومن تعولينا

فقد شقت بالنّوح منّا القلوب ... وأبكيت بالنّدب منّا العيونا

تعالى نقم مأتما للهموم ... ونعول إخواننا الظّاعنينا

ونسعدكنّ وتسعدننا ... فإنّ الحزين يوافي الحزينا

[٢] وأخباره ومحاسنه كثيرة، فلا حاجة إلى الإطالة.

وكانت ولادته سنة ست، أو سبع، وقيل: خمس، وقيل: اثنتين، وقيل: إحدى ومائتين، والأول أصحّ، وتوفي سنة أربع، وقيل خمس، وقيل ثلاث وثمانين ومائتين، والأول أصح. انتهى ما ذكره ابن خلّكان ملخصا.

وفيها، والصحيح أنه في التي قبلها كما جزم به ابن الأهدل، وقدّمه


[١] الأبيات في «ديوانه» ص (١٥١٣) طبع دار المعارف بمصر.
[٢] الأبيات في «وفيات الأعيان» (٦/ ٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>