للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن مجاهد المصري: قال ثعلب: اشتغل أهل القرآن والحديث والفقه بذلك ففازوا، واشتغلت بزيد وعمرو، ليت شعري ما يكون حظّي في الآخرة.

قال ابن مجاهد: فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، في المنام، فقال لي: «أقرئ أبا العبّاس ثعلب عنّي السّلام وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل» .

قال العبد الصالح أبو عبد الله الرّوذباري: أراد صلى الله عليه وسلم، أن الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، وأن جميع العلوم تفتقر إليه.

صنّف ثعلب التصانيف المفيدة، منها «كتاب الفصيح» وهو صغير الحجم، كبير [١] الفائدة، و «كتاب القراءات» و «كتاب إعراب القرآن» ، وغير ذلك، وكان ثقة صالحا، مشهورا بالحفظ والمعرفة، وكان أصمّ، فخرج من الجامع بعد العصر وفي يده كتاب ينظر إليه وهو يمشي، فصدمته فرس فألقته في هوّة، فأخرج منها وهو كالمختلط، فمات في اليوم الثاني، وكان حنبليا.

قال ابن أبي يعلى في «طبقاته» [٢] : قال ثعلب: كنت أحبّ أن أرى [٢] أحمد بن حنبل، فصرت إليه، فلما دخلت عليه قال لي: فيم تنظر؟ فقلت في النحو والعربية. فأنشدني أبو عبد الله أحمد بن حنبل:

إذا ما خلوت الدّهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل عليّ رقيب

ولا تحسبنّ الله يغفل ما مضى ... ولا أنّ ما تخفي [٣] عليه يغيب

لهونا عن الأيّام حتّى تتابعت ... ذنوب على آثارهنّ ذنوب

فيا ليت أنّ الله يغفر ما مضى ... ويأذن في توباتنا فنتوب

انتهى.


[١] في الأصل: «كثير» وأثبت ما في المطبوع.
[٢] (١/ ٨٣) وفيه: «أحببت أن أرى» والأبيات فيه وفي «تاريخ بغداد» (٥/ ٢٠٥) .
[٣] في الأصل والمطبوع: «ما يخفى» وهو خطأ والتصحيح من «طبقات ابن أبي يعلى» ، و «تاريخ بغداد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>