للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرني جماعة من أصحابه، أنه لما افتتن به الناس بالأهواز لما يخرج لهم من الأطعمة في غير وقتها والدراهم، ويسمّيها دراهم القدرة، حدّث الجبائيّ بذلك فقال: هذه الأشياء تمكن [١] الحيل فيها، ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم، وكلّفوه أن يخرج منه جرزتي شوك، فبلغ الحلّاج قوله، فخرج من الأهواز.

وروي عن عمرو بن عثمان المكّي، أنه لعن الحلّاج وقال: قرأت آية من القرآن، فقال: يمكنني أن أؤلّف مثلها.

وقال أبو يعقوب الأقطع: زوّجت بنتي بالحلّاج فبان لي بعد أنه ساحر محتال.

وقال الصّولي: جالست الحلّاج، فرأيت جاهلا يتعاقل، وعييا [٢] يتبالغ، وفاجرا يتزهد.

وكان ظاهره أنه ناسك، فإذا علم أن أهل بلد يرون الاعتزال صار معتزليا، أو يرون التشيّع تشيّع، أو يرون التّسنّن تسنّن، وكان يعرف الشعبذة، والكيمياء، والطب، ويتنقل في البلدان، ويدّعي الربوبية، ويقول للواحد من أصحابه: أنت آدم، ولذا أنت نوح، ولهذا أنت محمد، ويدّعي التناسخ، وأن أرواح الأنبياء انتقلت إليهم.

وقال الصّولي أيضا: قبض عليّ الرّاسبي أمير الأهواز على الحلّاج في سنة إحدى وثلاثمائة، وكتب إلى بغداد، يذكر أن البيّنة قامت عنده أن الحلّاج يدّعي الربوبية ويقول بالحلول، فحبس مدة، وكان يري الجاهل شيئا من


[١] في «العبر» : «يمكن» .
[٢] أي لم يهتد لوجه مراده، أو عجز عنه، ولم يطق إحكامه. انظر «لسان العرب» (عيا) . وفي «العبر» و «البداية والنهاية» (١١/ ١٣٩) : «وغبيا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>