للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرى الفرس ذلّا وهوانا، ثم سار من العراق إلى الشّام في بريّة ورمال لا يهتدى طريقها، ولحق بأمراء الشام، فكان له الأثر العظيم.

وفي جمادى الآخرة منها توفي الخليفة أبو بكر الصّدّيق عبد الله بن عثمان رضي الله عنه عن ثلاث وستين سنة، ومناقبه كثيرة لا تنكر [١] مشهورة، وفيه يقول أبو محجن الثقفيّ [٢] :

وسمّيت صدّيقا وكلّ مهاجر ... سواك يسمّى باسمه غير منكر

وبالغار إذ سمّيت بالغار صاحبا ... وكنت رفيقا للنبيّ المطهّر

سبقت إلى الإسلام والله شاهد ... وكنت جليسا بالعريش المشهّر

ومناقبه وسوابقه في الإسلام لا تنحصر، وكان رئيسا في الجاهلية، وكان إليه الدّيات، ومعرفة الأنساب، وتأويل الرؤيا، وأسلم على يده جماعة، وأعتق أعبدا افتداهم من أيدي المشركين يعذّبونهم، منهم بلال، وعامر بن فهيرة، ونص صلى الله عليه وسلم أن سبقه لغيره بواقر وقر في صدره [٣] ، وجاء أنه كان إذا تنفّس يشم منه رائحة كبد مشوية، وبينه وبين مرة بن كعب


[١] لفظة: «لا تنكر» سقطت من المطبوع.
[٢] اختلف في اسمه، فقيل عبد الله بن حبيب، وقيل: عمرو بن حبيب، وقيل: مالك بن حبيب، وقيل: اسمه كنيته، وهو من الشعراء المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، وهو شاعر فارس شجاع معدود في أولي البأس والنجدة مات سنة (٣٠) هـ. انظر «أسد الغابة» لابن الأثير (٦/ ٢٧٦- ٢٧٨) ، و «الأغاني» لأبي فرج الأصفهاني (١٩/ ١- ٤١) ، و «الإصابة» لابن حجر (١٢/ ٧- ١٢) ، و «الشعر والشعراء» لابن قتيبة ص (٢٥١- ٢٥٣) ، و «شرح أبيات مغني اللبيب» للبغدادي (١/ ١٤٣، ١٤٤) ، و «الأعلام» للزركلي (٥/ ٧٦) .
[٣] في الأصل: «بواقد وقد في صدره» ، وهو تحريف. وقوله: نص صلى الله عليه وسلم أن سبقه لغيره بواقر وقر في صدره، قال فيه الحافظ العراقي: لم أجده مرفوعا، وهو من كلام بكر بن عبد الله المزني.

<<  <  ج: ص:  >  >>