للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّستن [١] فهزمهم، وأسر منهم ألف نفس، وافتتح الرّستن، ثم سار إلى دمشق فملكها، فسار الإخشيذ ونزل على طبريّة، فخامر خلق من عسكر سيف الدولة إلى الإخشيذ، فردّ سيف الدولة، وجمع وحشد، فقصده الإخشيذ، فالتقاه بقنسرين وهزمه، ودخل حلب، وهرب سيف الدولة.

وأما بغداد، فكان فيها قحط لم ير مثله، وهرب الخلق، وكان النساء يخرجن عشرين وعشرا، يمسك بعضهنّ ببعض يصحن: الجوع الجوع، ثم تسقط الواحدة بعد الواحدة ميتة، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. ٢: ١٥٦ قاله في «العبر» [٢] .

وفي شوال مات أبو عبد الله البريدي، وقام أخوه أبو الحسين مقامه، وكان البريدي هذا على ما قال ابن الفرات ظلوما عسوفا، وكان أعظم أسباب الغلاء ببغداد، لأنه صادر النّاس في أموالها، وجعل على كل كرّ [٣] من الحنطة، والشعير خمسة دنانير، فبلغ ثمن كرّ الحنطة ثلاثمائة دينار وستة عشر دينارا، ثم افتتح الخراج في آذار، وحصد أصحابه الحنطة والشعير وحملوه بسنبله إلى منازلهم، ووظف الوظائف على أهل الذّمة، وعلى سائر المكيلات، وأخذ أموال التجار غصبا، وظلمهم ظلما، لم يسمع بمثله، واستتر أكثر العمال لعظم ما طالبهم به، فسبحان الفعّال لما يريد.

وفيها توفي الحافظ، حافظ فلسطين، أبو بكر أحمد بن عمرو بن جابر الطحّان [٤] بالرّملة. رحل إلى الشام، والجزيرة، والعراق. وروى عن العبّاس بن الوليد البيروتي وطبقته. وعنه ابن جميع وطبقته.


[١] الرستن: بلدة بين حمص وحماة على الضفة الشرقية لنهر الميماس المعروف الآن بالعاصي.
وقد نسب إليها من العلماء أبو عيسى حمزة بن سليم العنبسي الرستني. انظر خبرها في «معجم البلدان» (٣/ ٤٣) .
[٢] (٢/ ٢٣٧- ٢٣٩) وذكر الخبر مختصرا العامري في «غربال الزمان» ص (٢٩٢) .
[٣] سبق أن ذكرت بأن الكرّ مكيال من مكاييل أهل العراق انظر ص (١٦٧) .
[٤] مترجم في «العبر» (٢/ ٢٣٩) و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٤٦١- ٤٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>