مصر على المخاضة من يحفظها، فلما رأى ذلك جوهر، قال لجعفر بن فلاح: لهذا اليوم أرادك المعز، فعبر عريانا في سراويل وهو في مركب، ومعه الرجال خوضا، حتّى خرجوا إليهم، ووقع القتال، فقتل خلق من الإخشيذية، وأتباعهم، وانهزمت الجماعة في الليل، ودخلوا مصر، وأخذوا ما قدروا عليه من دورهم [وانهزموا][١] وخرج حرمهم مشاة ودخلن على الشريف أبي جعفر في مكاتبة القائد بإعادة الأمان، فكتب إليه يهنئه بالفتح، وسأله إعادة الأمان، وجلس الناس عنده ينتظرون الجواب، فعاد إليهم بأمانه وحضور رسوله. ومعه بند أبيض، وطاف على الناس يؤمنهم ويمنع من النهب، فهدأ البلد وفتحت الأسواق، وسكن الناس، كأن لم تكن فتنة.
فلما كان آخر النهار ورد رسوله إلى أبي جعفر بأن تعمل على لقائي يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من شعبان بجماعة الأشراف والعلماء ووجوه البلد، فانصرفوا متأهبين لذلك، ثم خرجوا ومعهم الوزير جعفر وجماعة من الأعيان إلى الجيزة، والتقوا القائد، ونادى مناد: ينزل الناس كلهم إلّا الشريف والوزير، فنزلوا وسلّموا عليه واحدا واحدا، والوزير عن شماله والشريف عن يمينه، ولما فرغوا من السلام ابتدأوا في دخول البلد، فدخلوا من زوال الشمس وعليهم السلاح والعدد، ودخل جوهر بعد العصر وطبوله وبنوده بين يديه، وعليه ثوب ديباج مثقل، وتحته فرس أصفر، وشقّ في مصر، ونزل في مناخه موضع القاهرة اليوم، واختطّ موضع القاهرة.
ولما أصبح المصريون حضروا إلى القائد للهناء، فوجدوه قد حفر أساس القصر بالليل، وكان فيه زورات جاءت غير معتدلة فلم تعجبه، ثم قال: حفرت في ساعة سعيدة فلا أغيّرها، وأقام عسكره يدخل [إلى] البلد سبعة أيام أولها الثلاثاء المذكور، وبادر جوهر بالكتاب إلى مولاه [المعز]