للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبابه قال لأحد حجّابه: قل للصاحب على الباب أحد الأدباء، وهو يستأذن في الدخول، فدخل الحاجب وأعلمه، فقال الصاحب: قل له: قد ألزمت نفسي أنه لا يدخل عليّ من الأدباء إلّا من يحفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، فخرج إليه الحاجب وأعلمه بذلك، فقال له أبو بكر: ارجع إليه وقل له: هذا القدر من شعر الرجال أم من شعر النساء؟ فدخل عليه الحاجب فأعاد عليه ما قال، فقال الصاحب: هذا يؤيد أن يكون أبا بكر الخوارزمي، فأذن له في الدخول عليه، فعرفه وانبسط معه، ولكنه لم يجزل له العطاء، ففارقه غير راض، وعمل فيه:

لا تحمدنّ ابن عبّاد وإن هطلت ... يداه بالجود حتّى أخجل الدّيما

فإنها خطرات من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما

فبلغ ذلك ابن عبّاد، فلما بلغه خبر موته أنشد:

أقول لركب من خوارزم [١] قافل ... أمات خوارزميّكم؟ قيل لي: نعم

فقلت: اكتبوا بالجصّ من فوق قبره ... ألا لعن الرّحمن من كفر النعم

ولأبي بكر المذكور ديوان رسائل وديوان شعر.

وقد ذكره الثعالبي في «اليتيمة» [٢] وذكر قطعة من نثره، ثم أعقبها بشيء من نظمه، فمن ذلك قوله:

رأيتك إن أيسرت خيّمت عندنا ... مقيما وإن أعسرت زرت لماما

فما أنت إلّا البدر إن قلّ ضوؤه ... أغبّ وإن زاد الضياء أقاما [٣]

وملحه ونوادره كثيرة، ولما رجع من الشام سكن نيسابور، ومات بها في منتصف رمضان من هذه السنة.


[١] في «وفيات الأعيان» (٤/ ٤٠٢) : «من خراسان» .
[٢] انظر «يتيمة الدهر» (٤/ ٢٢٣) طبع دار الكتب العلمية ببيروت.
[٣] البيتان في «يتيمة الدهر» (٤/ ٢٧٣- ٢٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>