للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقنع بها، وأخرج عودا فضرب به، والبخور بين يديه، فكان عجبا من العجب.

وقال المختار أيضا: كان ابن يونس المذكور مغفلا، يعتمّ على طرطور طويل، ويجعل رداءه فوق العمامة، وكان طويلا، وإذا ركب ضحك الناس منه لشهرته وسوء حاله ورثاثة ثيابه، وكان له مع هذه الهيئة إصابة بديعة غريبة في النجامة، لا يشاركه فيها أحد، وكان [١] أحد الشهود، وكان متفننا في علوم كثيرة، وكان يضرب بالعود على جهة التأدب به [٢] ، وله شعر حسن منه قوله:

أحمّل نشر الريح عند هبوبه ... رسالة مشتاق لوجه حبيبه

بنفسي من تحيا النفوس بقربه ... ومن طابت الدّنيا به وبطيبه

وجدّد وجدي طارق [٣] منه في الكرى ... سرى موهنا في خفية من رقيبه

لعمري لقد عطلت كأسي لبعده [٤] ... وغيّبتها عني لطول مغيبه

قال الحاكم العبيدي صاحب مصر- وقد جرى في مجلسه ذكر ابن يونس وتغفله-: دخل إلى عندي يوما ومداسه في يده، فقبّل الأرض وجلس، وترك المداس إلى جانبه وأنا أراه وأراها، وهو بالقرب منّي، فلما أراد أن ينصرف قبّل الأرض وقدّم المداس ولبسه وانصرف، وإنما ذكر هذا في معرض غفلته وبلهه.

قال المسبحي: وكانت وفاته يوم الاثنين ثالث شوال فجأة، وخلّف ولدا متخلعا باع كتبه وجميع تصنيفاته بالأرطال في الصابونيين.


[١] في المطبوع: «كان» .
[٢] لفظه «به» لم ترد في «وفيات الأعيان» مصدر المؤلف.
[٣] في «وفيات الأعيان» : «طائف» وهو الأصوب.
[٤] في «وفيات الأعيان» : «بعده» وقد تقدم هذا البيت فيه إلى قبل سابقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>