وفيها أبو علي الدّقّاق، الحسن بن علي النيسابوري [١] الزاهد العارف شيخ الصوفية توفي في ذي الحجّة، وقد روى عن ابن حمدان وغيره.
قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في كتابه «الكواكب الدّريّة في تراجم الصوفية» ما ملخصه: الحسن بن علي الأستاذ أبو علي الدّقّاق النيسابوري الشافعي، لسان وقته وإمام عصره، كان فارها في العلم، متوسطا في الحلم، محمود السيرة، مجهود السريرة، جنيدي الطريقة، سرّيّ الحقيقة، أخذ مذهب الشافعي عن القفّال، والحصري، وغيرهما، وبرع في الأصول، وفي الفقه، وفي العربية، حتّى شدّت إليه الرحال في ذلك، ثم أخذ في العمل، وسلك طريق التصوف، وأخذ عن النّصرآباذي.
قال ابن شهبة: وزاد عليه حالا ومقالا، وعنه: القشيري صاحب «الرسالة» .
وله كرامات ظاهرة ومكاشفات باهرة. قيل له: لم زهدت في الدّنيا؟
قال: لما زهدت في أكثرها أنفت عن الرغبة في أقلها.
قال الغزالي: وكان زاهد زمانه وعالم أوانه، وأتاه بعض أكابر الأمراء، فقعد على ركبتيه بين يديه، وقال: عظني، فقال: أسألك عن مسألة وأريد الجواب بغير نفاق، فقال: نعم، فقال: أيما أحبّ إليك المال أو العدو؟
قال: المال. قال: كيف تترك ما تحبه بعدك وتستصحب العدو الذي لا تحبه معك، فبكى، وقال: نعم الموعظة هذه.
ومن كلامه: من سكت عن الحقّ فهو شيطان أخرس.
وقال: من علامة الشوق تمنّي الموت على بساط العوافي، كيوسف لما
[١] انظر «العبر» (٣/ ٩٥) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (١/ ١٦٩) .