قال بعض علماء الأدب: مدح بعض الشعراء فخر الملك بعد هذه القصيدة، فأجازه إجازة لم يرضها، فجاء إلى ابن نباتة، وقال: أنت غريتني وأنا ما مدحته إلّا ثقة بضمانك، فأعطني ما يليق بقصدي [١] ، فأعطاه من عنده شيئا رضي به، فبلغ ذلك فخر الملك، فسيّر لابن نباتة جملة مستكثرة لهذا السبب.
ومدائح فخر الملك مستكثرة، ولأجله صنّف أبو بكر محمد بن الحاسب الكرجي كتاب «الفخري» في الجبر والمقابلة، وكتاب «الكافي» في الحساب.
ورفع إليه رجل شيخ رقعة يسعى فيها بهلاك شخص، فكتب فخر الملك في ظهرها: السعاية قبيحة وإن كانت صحيحة، فإن كنت أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أكثر من الربح، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة من شيبك لقابلناك بما يشبه مقالك، ونردع به أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من يعلم الغيب، والسلام.
ومحاسن فخر الملك كثيرة، ولم يزل في عزّه وجاهه وحرمته إلى أن نقم عليه مخدومه سلطان الدولة لسبب اقتضى ذلك، فحبسه ثم قتله بسفح جبل قريب من الأهواز، يوم السبت سابع عشري ربيع الأول، وقيل: آخره، ودفن هناك، ولم يستقص دفنه، فنبشت الكلاب قبره وأكلته، ثم أعيد دفن رمته، فشفع فيه بعض أصحابه، فنقلت عظامه إلى مشهد هناك، فدفنت في السنة التي بعدها.
[١] كذا في «آ» و «ط» : «فأعطني ما يليق بقصدي» وفي «وفيات الأعيان» «فأعطني بمثل ما يليق بقصيدي» .