للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بني المنذرين وهو انتساب ... زاد في فخره بنو عبّاد

فتية لم تلد سواها المعالي ... والمعالي قليلة الأولاد

وكان من بلاد الشرق من أهل العريش، المدينة القديمة الفاصلة بين مصر والشام [١] في أول الرمل من جهة الشام، فتوجه به أبوه إلى المغرب فاستوطنا قرية تومين [٢] من إقليم طشانة من أرض إشبيلية.

ومحمد هذا أول من نبغ في تلك البلاد وتقدم بإشبيلية إلى أن ولي القضاء بها، فأحسن السياسة مع الرعية وتلطف بهم، فوثقته القلوب، وكان يحيى المستعلي صاحب قرطبة، مذموم السيرة، فتوجه إلى إشبيلية محاصرا لها، فلما نزل عليها اجتمع رؤساء إشبيلية وأعيانها، وأتوا القاضي محمدا المذكور، وقالوا له: [أما] ترى ما حلّ بنا من هذا الظالم، وما أفسد من أموال الناس؟ فقم بنا نخرج إليه ونملّكك، ونجعل الأمر لك [٣] ، ففعل، ووثبوا على يحيى، فركب إليهم وهو سكران فقتل.

وتم الأمر لمحمد، ثم ملك بعد ذلك قرطبة وغيرها. ثم قيل له بعد تملّكه واستيلائه على البلاد: إن هشام بن الحكم في مسجد بقلعة رباح، فأرسل إليه من أحضره، وفوّض الأمر إليه، وجعل لنفسه كالوزير بين يديه، وفي هذه الواقعة يقول الحافظ أبو محمد بن حزم الظاهري في كتابه «نقط العروس» : أعجوبة [٤] لم يقع في الدّهر مثلها، فإنه ظهر رجل يقال له خلف الحضري [٥] بعد نيّف وعشرين سنة من موت هشام بن الحكم، المنعوت بالمؤيد، وادّعى أنه هشام، فبويع وخطب له على جميع منابر الأندلس في


[١] في «ط» : «بين الشام ومصر» .
[٢] انظر التعليق على «وفيات الأعيان» (٥/ ٢١) .
[٣] في «وفيات الأعيان» : «إليك» .
[٤] في «وفيات الأعيان» : «أخلوقة» .
[٥] في «وفيات الأعيان» : «الحصري» .

<<  <  ج: ص:  >  >>