للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشرين، ولم يضعف جسده ولا عقله، حتّى حكي أنّه اجتاز بنهر يحتاج إلى وثبة عظيمة، فوثب وقال، أعظما حفظها الله في صغرها، فقوّاها في كبرها، وكان يحضر المواكب في دار الخلافة، ويقول الشعر، ومن شعره من ألغز به على أبي العلاء المعرّي:

وما ذالت درّ لا يحلّ لحالب ... تناولها واللّحم منها محلل

في أبيات في هذا المعنى، فأجابه المعرّي ارتجالا:

جوابان عن هذا السؤال كلاهما ... صواب وبعض القائلين مضلّل

فمن ظنّه كرما فليس بكاذب ... ومن ظنّه نخلا فليس يجهّل

يكلّفني القاضي الجليل مسائلا [١] ... هي البحر قدرا بل أعزّ وأطول

فأجابه القاضي يثني عليه وعلى علمه وبديهته، فأجابه المعرّيّ أيضا:

فؤادك معمور من العلم آهل ... وجدّك في كل المسائل مقبل

فإن كنت بين النّاس غير مموّل ... فأنت من الفهم المصون مموّل

كأنّك من في الشّافعيّ مخاطب ... ومن قلبه تملي فما تتمهّل

وكيف يرى علم ابن إدريس دارسا ... وأنت بإيضاح الهدى متكفّل

تجمّلت الدّنيا بأنّك فوقها ... ومثلك حقّا من به يتجمّل

وفيها أبو الفتح بن شيطا، مقرئ العراق، ومصنّف «التذكار في القراءات العشر» عبد الواحد بن الحسين بن أحمد. أخذ عن الحمامي وطائفة، وحدّث عن محمد بن إسماعيل الورّاق [٢] وجماعة، وتوفي في صفر، وله ثمانون سنة.


[١] في «آ» و «ط» : «انحلال مسائل» وما أثبته من «مرآة الجنان» (٣/ ٧٠) أصل كتاب ابن الأهدل.
[٢] في «آ» و «ط» : «البراق» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» (٣/ ٢٢٥) وانظر «معرفة القرّاء الكبار» (١/ ٤١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>