للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل، فقال له معاوية: أظنك طمعت فيها- يعني الخلافة- لأنك تعلم أنه قاتل من بارزه، ولما أيقن أهل الشام بالهزيمة أشار عليهم عمرو بن العاص برفع المصاحف على الرماح والدعاء إلى حكم الله، فأجاب عليّ إلى التحكيم، فأنكر عليه بعض جيشه واختلفوا، وخرجت عليه [١] الخوارج وقالوا:

لا حكم إلا لله، وكفّروا عليا ومعاوية، وكان أمر الحكمين في رمضان، وذلك أنه اجتمع من جانب عليّ أبو موسى ومن معه من الوجوه، ومن جانب معاوية عمرو بن العاص ومن معه بدومة الجندل [٢] ، فخلا عمرو بأبي موسى بعد الاتفاق عليهما، وقال له: نخلع عليا ومعاوية، ثم يختار المسلمون من يقع الاتفاق عليه، وكانت الإشارة إلى عبد الله بن عمر، فلما خرجا إلى النّاس قال عمرو لأبي موسى: قم فتكلم أولا، لأنك أفضل وأكثر سابقة، فتكلم أبو موسى بخلعهما، ثم قام عمرو فقال: إن أبا موسى قد خلع عليا كما سمعتم، وقد وافقته على خلعه، ووليت معاوية، وقيل: اتفقا على أن يخلع كل منهما صاحبه فخلع أبو موسى وأثبت الآخر، ثم سار أهل الشام وقد بنوا على هذا الظاهر، ورجع أهل العراق عارفين أن الذي فعله عمرو خديعة لا يعبأ بها [٣] .


[١] في المطبوع: «وخرجت عليهم» .
[٢] دومة الجندل: على سبع مراحل من دمشق، بينها وبين مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسميت دومة الجندل لأن حصنها مبنيّ بالجندل. انظر «معجم البلدان» لياقوت (٢/ ٤٨٧) ، و «الروض المعطار» للحميري ص (٢٤٥) .
قلت: قال ياقوت: وقد ذهب بعض الرواة إلى أن التحكيم بين عليّ ومعاوية كان بدومة الجندل، وأكثر الرواة على أنه بأذرح، وقد أكثر الشعراء في ذكر أذرح وأن التحكيم كان بها.
وقال ياقوت أيضا: وبأذرح إلى الجرباء كان أمر الحكمين بين عمرو بن العاص، وأبي موسى الأشعري، وقيل: بدومة الجندل، والصحيح أذرح والجرباء. «معجم البلدان» (١/ ١٣٠) . وانظر «تاريخ الطبري» (٥/ ٥٧- ٦٣) ، و «تاريخ خليفة بن خياط» ص (١٩١، ١٩٢) ، و «الكامل» لابن الأثير (٣/ ٣٢٩- ٣٣٤) ، و «الروض المعطار» للحميري ص (٢٤٥- ٢٤٧) .
[٣] في الأصل: «لا يعبأ به» وأثبتنا ما في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>