للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتخذه والدا، لا تخالفه فيما يشير به، فلما ملك ألب أرسلان، دبّر أمره، فأحسن التدبير، وبقي في خدمته عشر سنين، فلما مات ألب أرسلان وطّد المملكة لولده ملكشاه، فصار الأمر كله لنظام الملك، وليس للسلطان إلّا التخت والصيد، وأقام على هذا عشر سنين [١] .

ودخل على الإمام المقتدي بالله، فأذن له بالجلوس بين يديه، وقال له:

يا حسن، رضي الله عنك برضا أمير المؤمنين عنك.

وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والصوفية، كثير الإنعام على الصوفية، وسئل عن سبب ذلك فقال: أتاني صوفيّ وأنا في خدمة بعض الأمراء، فوعظني وقال: اخدم من تنفعك خدمته، ولا تشتغل بمن تأكله الكلاب غدا، فلم أعلم معنى قوله، فشرب ذلك الأمير من الغد، وكانت له كلاب كالسباع تفترس الغرباء بالليل، فغلبه السكر، فخرج وحده، فلم تعرفه الكلاب، فمزقته، فعلمت أن الرجل كوشف بذلك، فأنا أخدم الصوفية لعلّي أظفر بمثل ذلك.

وكان إذا سمع الأذان أمسك عن جميع ما هو فيه، وكان إذا قدم عليه إمام الحرمين، والإمام القشيري، بالغ في إكرامهما، وأجلسهما في مستنده، وبنى المساجد والرّبط، وهو أول من أنشأ المدارس، فاقتدى الناس به.

وسمع نظام الملك الحديث وأسمعه، وكان يقول: إني أعلم أني لست أهلا لذلك، ولكني أريد أربط نفسي في قطار النّقلة لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ويروى له من الشعر قوله:

بعد الثّمانين ليس قوّه ... قد ذهبت شرّة الصّبوّه

كأنني والعصا بكفّي ... موسى ولكن بلا نبوّه


[١] في «وفيات الأعيان» (٢/ ١٢٨) مصدر المؤلف: «عشرين سنة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>