للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن خلّكان [١] : كان أحد أئمة عصره، ورزق الحظوة التامة في عمل المقامات، واشتملت على شيء كثير من كلام العرب، من لغاتها، وأمثالها، ورموز أسرار كلامها، ومن عرفها حقّ معرفتها، استدل بها على فضل هذا الرجل، وكثرة اطلاعه، وغزارة مادته، وكان سبب وضعها ما حكاه ولده أبو القاسم عبد الله، قال: كان أبي جالسا في مسجد بني حرام، فدخل شيخ ذو طمرين، عليه أهبة السفر، رثّ الحال، فصيح الكلام، حسن العبارة، فسألته الجماعة: من أين الشيخ؟ فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته فقال: أبو زيد، فعمل أبي المقامة المعروفة بالحرامية، وهي الثامنة والأربعون، وعزاها إلى أبي زيد المذكور، واشتهرت عنه [٢] فبلغ خبرها الوزير شرف الدّين أنو شروان بن خالد بن محمد القاشاني، وزير الإمام المسترشد بالله، فلما وقف عليها أعجبته، فأشار إلى والدي أن يضم إليها غيرها، فأتمها خمسين، وإلى الوزير المذكور أشار الحريري في خطبة المقامات بقوله: فأشار من إشارته حكم، وطاعته غنم، إلى أن أنشئ مقامات أتلو فيها تلو البديع، وإن لم يدرك الظالع شأو الضليع. فهذا كان مستنده في نسبها إلى أبي زيد السروجي.

وذكر القاضي جمال الدّين بن الحسن بن علي الشيباني القفطي وزير حلب، في كتابه المسمى «إنباه الرواة على أنباء [٣] النحاة» [٤] أن أبا زيد المذكور اسمه المطهّر بن سلّار كان [٥] بصريا [٦] ، نحويا، لغويا، صحب


[١] انظر «وفيات الأعيان» (٤/ ٦٣- ٦٨) .
[٢] لفظة «عنه» لم ترد في «وفيات الأعيان» الذي بين يدي.
[٣] في «آ» و «ط» : «ألباب» والتصحيح من «وفيات الأعيان» .
[٤] انظر «إنباه الرواة على أنباء النحاة» (٣/ ٢٧٦) ترجمة المطهر بن سلار.
[٥] لفظة «كان» لم ترد في «آ» .
[٦] في «آ» و «ط» : «بصيرا» وما أثبتناه من «إنباه الرواة» و «وفيات الأعيان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>