للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن بشكوال [١] : كان إماما، عالما، زاهدا، ورعا، [ديّنا] متقشفا، متقللا [من الدنيا] راضيا باليسير.

وقال ابن خلّكان [٢] : كان يقول: إذا عرض لك أمران، أمر دنيا وأمر أخرى، فبادر بأمر الأخرى يحصل لك أمر الدنيا والأخرى.

وسكن الشام مدّة، ودرّس بها، وكان كثيرا ما ينشد:

إنّ لله عبادا فطنا ... طلّقوا الدّنيا وخافوا ألفتنا

فكّروا فيها فلمّا علموا ... أنها ليست لحيّ وطنا

جعلوها لجّة واتّخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا

ولما دخل على الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش، بسط مئزرا كان معه تحته، وجلس عليه، وكان إلى جانب الأفضل رجل نصراني، فوعظ الأفضل حتّى بكى، وأنشده:

يا ذا الذي طاعته قربة ... وحقّه مفترض واجب

إنّ الذي شرّفت من أجله ... يزعم هذا أنّه كاذب

وأشار إلى النصراني، فأقامه الأفضل من موضعه. وكان الأفضل قد أنزل الشيخ في مسجد شقيق الملك بالقرب من الرصد، وكان يكرهه، فلما طال مقامه [به] ضجر وقال لخادمه: إلى متى نصبر؟ اجمع لي المباح، فجمع له، فأكله ثلاثة أيام، فلما كان عند صلاة المغرب قال لخادمه: رميته الساعة، فلما كان من الغد ركب الأفضل فقتل، وولي بعده المأمون ابن البطائحي، فأكرم الشيخ إكراما كثيرا، وصنّف له كتاب «سراج الملوك» وهو حسن في بابه.


[١] انظر «الصلة» (٢/ ٥٧٥) وما بين حاصرتين مستدرك منه.
[٢] انظر «وفيات الأعيان» (٤/ ٢٦٢- ٢٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>