للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمشهده، أخيار أبرار، وابتلي بذهاب بصره، فأتي بقداح [١] فأنشد:

وقالوا قد دهى عينيك سوء ... فلو عالجته بالقدح زالا

فقلت الرّبّ مختبري بهذا ... فإن أصبر أنل منه النّوالا

وإن أجزع حرمت الأجر منه ... وكان خصيصتي منه الوبالا

وإني صابر راض شكور ... ولست مغيّرا ما قد أنالا

صنيع مليكنا حسن جميل ... وليس لصنعه شيء مثالا

وربّي غير متصف بحيف ... تعالى ربّنا عن ذا تعالى

روي [٢] أنه لما قال هذه الأبيات أعاد الله عليه بصره. قاله ابن الأهدل.

وفيها السلطان محمود بن السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان السّلجوقي، الملقب مغيث الدّين. ولي بعد أبيه سنة اثنتي عشرة، وخطب له ببغداد وغيرها، ولعمه سنجر معا، وكان له معرفة بالشعر، والنحو، والتاريخ، وكان متوقدا ذكاء، قوي المعرفة بالعربية، حافظا للأشعار والأمثال، عارفا بالتواريخ والسّير، شديد الميل إلى أهل العلم والخير، وكان حيص بيص [٣] الشاعر قد قصده من العراق، ومدحه بقصيدته الدالية المشهورة، التي أولها:

ألق الحدائج تلق [٤] الضّمّر القود ... طال السّرى وتشكّت وخدك البيد

يا ساري الليل لا جدب ولا فرق ... فالنبت أغيد والسلطان محمود

قيل تألفت الأضداد خيفته ... فالمورد الضنك فيه الشاء والسيّد

وهي طويلة من غرر القصائد، وأجازه عليها جائزة سنية.


[١] تحرفت في «ط» إلى «بقراح» .
[٢] في «المنتخب» (١٠٨/ ب) : «وروي» .
[٣] سترد ترجمته في وفيات سنة (٥٧٤) ص (٤٠٨- ٤٠٩) من هذا المجلد.
[٤] في «وفيات الأعيان» (٥/ ١٨٢) : «ترع» .

<<  <  ج: ص:  >  >>