أبا زكريا التبريزي اللغوي، وقرأ عليه الأدب واللغة، حتى مهر في ذلك. ثم جدّ في سماع الحديث، وصاحب ابن الجواليقي.
وكان في أول الأمر أبو الفضل أميل إلى الأدب، وابن الجواليقي أميل إلى الحديث، وكان الناس يقولون: يخرج ابن ناصر لغوي بغداد، وابن الجواليقي محدّثها، فانعكس الأمر فصار ابن ناصر محدّث بغداد، وابن الجواليقي لغويها، وخالط ابن ناصر الحنابلة، ومال إليهم وانتقل إلى مذهبهم لمنام رأى فيه النّبيّ، صلى الله عليه وسلم، وهو يقول له:«عليك بمذهب الشّيخ أبي منصور الخيّاط» .
قال السّلفي: سمع ابن ناصر معنا كثيرا، وهو شافعي أشعري، ثم انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع، ومات عليه، وله جودة حفظ وإتقان، وهو ثبت إمام.
وقال ابن الجوزي: كان حافظا ضابطا مفتيا ثقة، من أهل السّنّة، لا مغمز فيه، وكان كثير الذكر، سريع الدمعة، وهو الذي تولى تسميعي الحديث، وعنه أخذت ما أخذت من علم الحديث.
[وقال أيضا] : قرأت عليه ثلاثين سنة، ولم أستفد من أحد كاستفادتي منه.
وقال ابن رجب: ومن غرائب ما حكي عن ابن ناصر، أنه كان يذهب إلى أن السلام على الموتى، يقدم فيه لفظة «عليكم» فيقال عليكم السلام، لظاهر حديث أبي جريّ الهجيميّ [١] وذكر في بعض تصانيفه أن
[١] قلت: في «آ» و «ط» و «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر المؤلف: «لظاهر حديث أبي حري الهجيمي» ، وهو تصحيف والتصحيح من «سنن أبي داود» رقم (٤٠٨٤) و «عمل اليوم والليلة» للنسائي رقم (٣١٨) ونص الحديث عند أبي داود: «حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن أبي عفار، حدثنا أبو تميمة الهجيمي عن أبي جريّ جابر بن سليم قال: رأيت رجلا يصدر الناس