للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في القراءات، والزهد، والفقه، وكان رأسا في الزهد والورع، توفي في جمادى الآخرة، وقد قارب الثمانين.

وفيها علي بن الحسين الغزنويّ [١] الواعظ، الملقب بالبرهان. كان فصيحا وله جاه عريض، وكان شيعيا، وكان السلطان مسعود يزوره وبنى له رباطا بباب الأزج، واشترى له قرية من المسترشد وأوقفها عليه.

قال ابن الجوزي [٢] : سمعته ينشد:

كم حسرة لي في الحشا ... من ولد إذا نشا

وكم أردت رشده ... فما نشا كما نشا

وكان يعظم السلطان ولا يعظم الخليفة، فلما مات السلطان مسعود أهين الغزنويّ ومنع من الوعظ، وأخذ جميع ما كان بيده، فاستشفع إلى الخليفة في القرية الموقوفة عليه، فقال: ما يرضى أن يحقن دمه، وكان يتمنى الموت مما لاقى من الذلّ بعد العزّ، وألقى كبده قطعا مما لاقى.

وفيها الفقيه الزاهد الصالح، عمر بن عبد الله بن سليمان بن السّري اليمني [٣] توفي بمكّة حاجّا. روى طاهر بن يحيى المعمراني أنه كان قد أصابه بثرات [٤] في وجهه، فارتحل إلى جبلة [٥] متطببا، فرأى ليلة قدومه إليها عيسى بن مريم- صلى الله عليه وسلم- فقال له: يا روح الله! امسح وجهي، فمسحه فأصبح معافى. قاله ابن الأهدل.


[١] انظر «سير أعلام النبلاء» (٢٠/ ٣٢٤- ٣٢٥) و «النجوم الزاهرة» (٥/ ٣٢٣- ٣٢٤) .
[٢] انظر «المنتظم» (١٠/ ١٦٧) والبيتان أيضا في «النجوم الزاهرة» وتقدما في ص (٧٣) .
[٣] انظر «مرآة الجنان» (٣/ ٢٩٧) و «غربال الزمان» ص (٤٣٠) وفيهما وفاته سنة (٥٥٠) .
[٤] جاء في «مختار الصحاح» (بثر) : البثر والبثور: خراج صغار واحدتها بثرة.
[٥] في «مرآة الجنان» و «غربال الزمان» : «إلى ذي الجبلة» وهو خطأ، وجبلة: جبل ضخم في اليمن، على مقربة من أضاخ، بين الشّريف، ماء لبني نمير، وبين الشّرف، ماء لبني كلاب.
انظر «معجم ما استعجم» (١/ ٣٦٥) و «معجم البلدان» (٢/ ١٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>