عن شيخه العارف علي بن إدريس، أنه سأل الشيخ عبد القادر فقال: يا سيدي هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟ فقال: ما كان، ولا يكون.
انتهى ما أورده [١] ابن رجب.
ونقل عن الشيخ عبد القادر أنه قال: كنت أقتات الخرنوب والشوك، وقامة البقل، وورق الخس من جانب النهر والشطّ، وبلغت بي الضائقة في غلاء نزل ببغداد إلى أن بقيت أياما لم آكل فيها طعاما، بل كنت أتتبع المنبوذات أطعمها، فخرجت يوما من شدة الجوع إلى الشطّ لعلي أجد ورق الخس أو البقل أو غير ذلك، فأتقوت به، فما ذهبت إلى موضع إلّا وغيري قد سبقني إليه، وإذا وجدت الفقراء يتزاحمون عليه فأتركه حياء، فرجعت أمشي وسط البلد فلا أدرك منبوذا إلّا وقد سبقت إليه، حتى وصلت إلى مسجد بسوق الريحانيين ببغداد، وقد أجهدني الضعف وعجزت عن التماسك، فدخلت إليه وقعدت في جانب منه، وقد كدت أصافح الموت، إذ دخل شاب أعجمي ومعه خبز رصافي وشواء، وجلس يأكل، فكنت أكاد كلما رفع يده باللقمة أن أفتح في من شدة الجوع، حتّى أنكرت ذلك على نفسي وقلت:
ما هذا! إذ التفت إليّ العجمي فرآني، فقال: باسم الله يا أخي، فأبيت، فأقسم عليّ، فبادرت نفسي فخالفتها، وأقسم أيضا فأجبته، فأكلت، فأخذ يسائلني من أين أنت وبمن تعرف؟ فقلت: أنا متفقّه من جيلان، فقال: وأنا من جيلان، فهل تعرف شابا جيلانيا يسمى عبد القادر يعرف بأبي عبد الله الصومعي الزاهد؟ فقلت: أنا هو، فاضطرب وتغير وجهه، وقال: والله لقد وصلت إلى بغداد ومعي بقية نفقة لي، فسألت عنك فلم يرشدني أحد، ونفدت نفقتي، ولي ثلاثة أيام لا أجد ثمن قوتي إلّا مما كان لك معي، وقد حلّت لي الميتة، وأخذت من وديعتك هذا الخبز والشواء، فكل طيبا، فإنما هو لك وأنا ضيفك