للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في صفر سنة تسعين وأربعمائة تقريبا، وتوفي في جمادى الآخرة. انتهى.

وقال الإسنوي [١] : ظهرت بركته على أصحابه، وصار شيخ العراق في وقته، وبنى الخربة التي كان يأوي إليها رباطا وسكّنه جماعة من صالحي أصحابه، وبنى إلى جانبه مدرسة، وصار ملاذا يعتصم به الخائف من الخليفة فمن دونه [٢] وتوجه إلى الشام سنة سبع وخمسين وخمسمائة لزيارة بيت المقدس، فلم يتفق له ذلك لانفساخ [٣] الهدنة بين المسلمين والفرنج- خذلهم الله تعالى- فأقام بدمشق مدة يسيرة، وعقد له مجلس الوعظ، وأكرم الملك العادل مورده، وعاد إلى بغداد، فتوفي بها يوم الجمعة وقت العصر سابع جمادى الآخرة، ودفن بكرة الغد في مدرسته. انتهى.

وفيها زين الدّين صاحب إربل علي كوجك [٤] بن بكتكين التركماني [٥] الفارس المشهور، والبطل المذكور، ولقّب بكوجك وهو بالعربي اللطيف القدّ والقصير، وكان مع ذلك معروفا بالقوّة المفرطة والشهامة، وهو ممن حاصر المقتفي وخرج عليه، ثم حسنت طاعته، وكان جوادا معطاء، فيه عدل وحسن سيرة. ويقال: إنه تجاوز المائة، وتوفي في ذي الحجّة [٦] .


[١] انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (٢/ ٦٥) .
[٢] في «طبقات الشافعية» للإسنوي: «من الخليفة والسلطان ومن دونهما» .
[٣] في «طبقات الشافعية» للإسنوي: «لانفتاح» .
[٤] في «آ» و «ط» : «علي بن كوجك» وهو خطأ، وما أثبته من المصادر المذكورة في التعليق التالي.
[٥] انظر «العبر» (٤/ ١٨٢) و «دول الإسلام» (٢/ ٧٦) و «النجوم الزاهرة» (٥/ ٣٧٨- ٣٧٩) .
[٦] قال ابن تغري بردي في سياق ترجمته في «النجوم الزاهرة» : وكان أولا بخيلا مسيكا، ثم إنه جاد في آخر عمره، وبنى المدارس والقناطر والجسور. وحكي أن بعض الجند جاءه بذنب فرس وقال له: مات فرسي، فأعطاه عوضه، وأخذ ذلك الذنب آخر وجاءه به وقال له: مات فرسي، فأعطاه عوضه، ولا زال يتداول الذنب إثنا عشر رجلا، وهو يعلم أنه الأول ويعطيهم الخيل، فلما أعجزوه أنشد:

<<  <  ج: ص:  >  >>