للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ثم يتم على ولدك الحسين يوم الطفّ ما تمّ؟ فقال: أما سمعت أبيات ابن صيفي في هذا المعنى؟ فقلت:

لا. قال: أسمعها منه. فاستيقظت، فأتيت إلى دار الحيص بيص فذكرت له المنام، فشهق وبكى، وحلف أنها ما خرجت من فمه لأحد، ولم ينظمها إلّا في ليلته، ثم أنشدني:

ملكنا فكان العفو منّا سجية ... فلمّا ملكتم سال بالدّم أبطح

وحلّلتم قتل الأسارى وطالما ... غدونا على الأسرى نمنّ [١] ونصفح

وحسبكم هذا التّفاوت بيننا ... وكلّ وعاء بالذي فيه ينضح

وقال غيره: خرج حيص بيص ليلة ثملا، فرأى في طريقه جرو كلب، فضربه بسيفه فقتله، فعمد بعض الظرفاء إلى أبيات وعلقها في عنق أمه، وأدخلها ديوان الوزير هيئة مشتكية، ففضّت الورقة، فإذا فيها:

يا أهل بغداد إن الحيص بيص أتى ... بخزية أكسبته العار في البلد

أبدى شجاعته في اللّيل مجترئا ... على جريّ ضعيف البطش والجلد

فأنشدت أمّه من بعد ما احتسبت ... دم الأبيلق عند الواحد الصّمد

لا أعتب الدّهر والأيام ما صنعت ... كلتا يديّ أصابتني ولم أرد

كلاهما خلف من فقد صاحبه ... هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي

يشير إلى قول [٢] أعرابية قتل أخوها ولدها، والله أعلم.

وفيها شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدّينوري ثم البغدادي [٣] الكاتبة المسندة، فخر النساء. كانت ديّنة عابدة صالحة. سمّعها أبوها الكثير، وصارت مسندة العراق، وروت عن طراد، وابن البطر، وطائفة، وكانت ذات


[١] في «وفيات الأعيان» : «نعفّ» .
[٢] تحرفت في «آ» إلى «قتل» .
[٣] انظر «العبر» (٤/ ٢٢٠) و «سير أعلام النبلاء» (٢٠/ ٥٤٢- ٥٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>