للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن خلّكان [١] : هو يحيى بن حبش، وقيل اسمه أحمد، وقيل اسمه كنيته، أبو الفتوح، وقيل عمر، والأول أصح، كان من علماء عصره.

قرأ الحكمة وأصول الفقه على الشيخ مجد الدّين الجيلي بمدينة مراغة من أعمال أذربيجان، إلى أن برع فيهما، وهذا مجد الدّين الجيلي هو شيخ فخر الدّين الرازي، وعليه تخرّج وبصحبته انتفع، وكان إماما في فنونه.

قال في «طبقات الأطباء» [٢] : كان السّهروردي أوحد أهل زمانه في علوم الحكمية، جامعا للفنون الفلسفية [٣] ، بارعا في أصول الفقه مفرط الذكاء، [فصيح العبارة] ، وكان علمه أكثر [٤] من عقله. قال: ويقال عنه إنّه كان يعرف علم السيمياء. حكى بعض فقهاء العجم: أنه كان في صحبته، وقد خرجوا من دمشق، قال: فلما وصلنا إلى القابون، الذي هو على باب دمشق في طريق من يتوجه إلى حلب، لقينا قطيع غنم مع تركماني، فقلنا للشيخ: يا مولانا نريد من هذا الغنم رأسا نأكله، فقال: هذه عشرة دراهم خذوها واشتروا بها رأس غنم، فاشترينا من أحدهم رأسا ومشينا قليلا، فلحقنا رفيق لمن باعنا وقال: ردوا هذا الرأس وخذوا أصغر منه، فإن هذا ما عرف يبيعكم، وتقاولنا نحن وإيّاه، فلما عرف الشيخ ذلك قال لنا: خذوا الرأس وامشوا وأنا أقف معه [٥] وأرضيه، فتقدمنا نحن، وبقي الشيخ يتحدث معه ويطيّب قلبه، فلما مضينا قليلا تركه وتبعنا، وبقي التركماني يمشي خلفه ويصيح به وهو لا يلتفت إليه، ولما لم


[١] انظر «وفيات الأعيان» (٦/ ٢٦٨- ٢٧٢) .
[٢] يعني «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» والكلام فيه ص (٦٤١ وما بعدها) طبع مكتبة دار الحياة ببيروت.
[٣] في «آ» و «ط» : «في العلوم الحقيقية والفلسفة» والتصحيح من «عيون الأنباء» و «وفيات الأعيان» وما بين حاصرتين زيادة منهما.
[٤] في «آ» و «ط» : «أكبر» وما أثبته من «عيون الأنباء» و «وفيات الأعيان» .
[٥] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «وأضيعه» والتصحيح من «وفيات الأعيان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>