للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدامة بن مقدام الحنبلي [١] القدوة الزّاهد، أخو العلّامة موفق الدّين.

ولد بجمّاعيل سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وهاجر [مع والده] إلى دمشق لاستيلاء الفرنج على الأرض المقدسة، وسمع الحديث من أبي المكارم عبد الواحد بن هلال وطائفة كثيرة، وكتب الكثير بخطّه، وحفظ القرآن، والفقه، والحديث، وكان إماما، فاضلا، مقرئا، زاهدا، عابدا، قانتا لله، خاشعا من الله، منيبا إلى الله، كثير النفع لخلق الله، ذا أوراد وتهجّد واجتهاد وأوقات مقسمة على الطاعات [٢] من الصّلاة، والصّيام، والذّكر، وتعلّم العلم، والفتوّة والمروءة والخدمة والتواضع، رضي الله عنه وأرضاه.

فلقد كان عديم النظير في زمانه. خطب بجامع الجبل إلى أن مات. قاله في «العبر» [٣] .

وقال ابن رجب في «طبقاته» [٤] : هاجر به والده وبأخيه الشيخ الموفق وأهلهم إلى دمشق لاستيلاء الفرنج على الأرض المقدسة، فنزلوا بمسجد أبي صالح ظاهر باب شرقي، فأقاموا به مدة نحو سنتين، ثم انتقلوا إلى الجبل.

قال أبو عمر: فقال الناس: الصالحية، الصالحية، ينسبونا إلى مسجد أبي صالح، لا أنّا صالحون.

حفظ الشيخ أبو عمر القرآن، وقرأه بحرف أبي عمرو. وسمع الحديث من والده وخلائق، وقدم مصر وسمع بها من الشريف أبي المفاخر سعيد بن الحسن بن المأموني، وأبي محمد بن برّي النحوي. وخرّج له الحافظ عبد الغني المقدسي أربعين حديثا من رواياته، وحدّث بها. وسمع منه جماعة، منهم: الضياء، والمنذري، وروى عنه ابن خليل، وولده


[١] انظر «سير أعلام النبلاء» (٢٢/ ٥- ٩) وعبارة «مع والده» التي بين الحاصرتين زيادة منه.
[٢] في «العبر» : «على الطاعة» .
[٣] (٥/ ٢٥) وانظر «تاريخ الإسلام» (٦١/ ٢٤٧- ٢٥٩) .
[٤] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٥٢- ٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>