للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث، من أبي الفتح بن البطّي [١] ، وحدّث، وحفظ «مختصر الخرقي» ، وقرأ على أبي الفتح بن المنّي، وصحب الشيخ عبد القادر مدة، وتأدّب به، وكان يطالع الفقه والتفسير، ويجلس في رباطه للوعظ، وكان رباطه مجمعا للفقراء وأهل الدّين والفقهاء الغرباء، الذين يرحلون إلى أبي الفتح بن المنّي، وكان الاشتغال في رباطه بالعلم أكثر من الاشتغال في سائر المدارس. سكنه الشيخ موفق الدّين المقدسي، والحافظ عبد الغني [وأخوه الشيخ العماد، والحافظ عبد القادر الرّهاوي، وغيرهم من أكابر الرحّالين لطلب العلم] [٢] .

قال أبو الفرج بن الحنبلي [٣] : ولما قدمت بغداد سنة اثنتين وسبعين نزلت الرّباط، ولم يكن فيه بيت خال، فعمرت به بيتا وسكنته، وكان الشيخ محمود وأصحابه ينكرون المنكر، ويريقون الخمور، ويرتكبون الأهوال في ذلك، [حتّى إنه أنكر على جماعة من الأمراء، وبدّد خمورهم، وجرت بينه وبينهم فتن] وضرب مرات، وهو شديد في دين الله، له إقدام وجهاد. وكان كثير الذّكر، قليل الحظّ من الدنيا، وكان يسمّى شيخ الحنابلة.

قال: وكان يهذّبنا ويؤدّبنا، وانتفعنا به كثيرا.

وقال أبو شامة: كانت له رياضات وسياحات [٤] ومجاهدات، وساح في بلاد الشام وغيرها، وكان يؤثر أصحابه، وانتفع به خلق كثير، وكان مهيبا، لطيفا، كيّسا، باشّا، مبتسما، يصوم الدّهر، ويختم القرآن كل يوم وليلة [٥] ، ولا يأكل إلّا من غزل عمّته.


[١] تحرفت في «آ» إلى «البعلي» وهو أبو الفتح محمد بن عبد الباقي البغدادي الحاجب ابن البطّي. انظر ترجمته ومصادرها في «سير أعلام النبلاء» (٢٠/ ٤٨١- ٤٨٤) .
[٢] ما بين الحاصرتين سقط من «آ» .
[٣] انظر كتاب «شذرات من كتب مفقودة» للدكتور إحسان عبّاس ص (٢٠٠) وما بين الحاصرتين مستدرك منه.
[٤] لفظة «سياحات» لم ترد في «ذيل الروضتين» و «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٥] أقول: صيام الدّهر، وختم القرآن كل يوم وليلة خلاف السنة. (ع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>