للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها أبو الحسن بن الصبّاغ القدوة العارف علي بن حميد الصعيدي [١] . صحب الشيخ عبد الرحيم القناوي [٢] وتخرّج به، وكان والده صباغا، وكان يعيب عليه عدم معاونته له وانقطاعه إلى أهل التصوف، فأخذ يوما الثياب التي عند والده جميعها، وطرحها في زير واحد، فصاح عليه والده، وقال: أتلفت ثياب الناس! وأخرجها، فإذا كل ثوب على اللون الذي أراد صاحبه، فحينئذ اشتهر أمره وصحبه خلائق.

قال ابن الأهدل: وكان لا يصحب إلّا من رآه مكتوبا في اللّوح المحفوظ من أصحابه [٣] . وسأله إنسان الصحبة والخدمة له، فقال له: ما بقي عندنا وظيفة نحتاجك لها إلا أن تجيء كل يوم بحزمة من الحلفاء، فقال:

نعم، فكان يأخذ المحش فيأتي كل يوم بحزمة، ثم ملّ وترك، فرأى القيامة قامت وأشرف على الوقوع في النار، وإذا حزمة الحلفاء تحته مارة به على النّار وهو فوقها حتى أخرجته، فجاء إلى الشيخ، فلما رآه قال: ما قلنا لك ما عندنا خدمة تصلح سوى الحلفاء، فاستغفر وعاد إلى الخدمة. وله مناقب كثيرة. انتهى.

وقال في «العبر» [٤] : انتفع به خلق كثير.

توفي في نصف شعبان ودفن برباطه بقناء [٥] من الصعيد، رحمه الله.

انتهى.


[١] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (٢/ ٣٤٠) و «تاريخ الإسلام» (٦٢/ ١١١- ١١٢) و «مرآة الجنان» (٣/ ٢٤- ٢٦) و «النجوم الزاهرة» (٦/ ٢١٥) .
[٢] قلت: ويقال له «القنائي» أيضا. انظر «حسن المحاضرة» (١/ ٥١٥) .
[٣] قلت: هذه مبالغة من مبالغات الصوفية، فكيف يرى اللوح المحفوظ أمثال المترجم ولم يره أفضل الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ نسأل الله العفو والعافية.
[٤] (٥/ ٤٢) .
[٥] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «فناء» والتصحيح من «العبر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>