للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستشارها، فقالت: يا بنيّ إن كنت قاتلت لغير الله فقد هلكت وأهلكت، وإن كان لله فلا تسلّم نفسك، فقاتلهم، ولم يزل يهزمهم عند كلّ باب حتى أصابته رمية في رأسه، فنكس رأسه وهو يقول:

ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدّما

فلما سقط، قالت جارية له: وا أمير المؤمنين، فعرفوه، ولم يكونوا عرفوه من لباس الحديد، فشدّوا عليه من كلّ جانب، وقتلوه قريبا من باب المسجد من ناحية الصّفا، وذلك في جمادى الأولى [١] وطافوا برأسه في مصر [٢] وغيرها.

قال النواوي في «شرح مسلم» [٣] مذهب أهل الحقّ أنّ ابن الزّبير كان مظلوما و [أن] الحجّاج ورفقته خارجون عليه. ودخل الحجّاج على أمّه بعد قتله فقال: كيف رأيتني صنعت بابنك؟ فقالت: أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، أنّ في ثقيف مبيرا وكذّابا، فأمّا الكذّاب فرأيناه- يعني المختار- وأما المبير فلا إخالك [٤] إلا إيّاه [٥] .

والمبير المهلك.

قتل وله [٦] اثنتان وسبعون سنة، وكانت ولايته تنيف على ثمان سنين،


[١] وذلك يوم الثلاثاء في السابع عشر منه، كما ذكر النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (١/ ٣٦٧) .
[٢] في «الكامل» لابن الأثير، و «تاريخ الإسلام» للذهبي، أن رأس عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه أرسل إلى الشام.
[٣] «صحيح مسلم بشرح النووي» (١٦/ ٩٩) .
[٤] في المطبوع: «أخالك» ، وهو تحريف.
[٥] الحديث في «صحيح مسلم» رقم (٢٥٤٥) في فضائل الصحابة: باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها.
[٦] أي لعبد الله بن الزّبير رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>