للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجع مع وفد العراق إلى بغداد، وأقام بها [سنة] . واشتغلنا جميعا على الشيخ أبي الفتح [بن المنّي] ثم رجع إلى دمشق واشتغل بتصنيف كتاب «المغني في شرح الخرقي» فبلغ الأمل في إتمامه، وهو كتاب بليغ في المذهب، عشر مجلدات، تعب عليه وأجاد فيه، وجمّل به [١] المذهب. وقرأه عليه جماعة، وانتفع بعلمه طائفة كثيرة.

قال: ونشأ على سمت [٢] أبيه وأخيه، في الخير، والعبادة، وغلب عليه الاشتغال بالفقه والعلم.

وقال سبط ابن الجوزي: كان إماما في فنون كثيرة، ولم يكن في زمانه- بعد أخيه أبي عمر، والعماد [٣]- أزهد ولا أورع [٤] منه. وكان كثير الحياء، عزوفا [٥] عن الدّنيا وأهلها، هينا، لينا، متواضعا، محبا للمساكين، حسن الأخلاق، جوادا، سخيا، من رآه كأنما رأى بعض الصحابة، وكأن النّور يخرج من وجهه. كثير العبادة، يقرأ كل يوم وليلة سبعا من القرآن، ولا يصلي ركعتي السّنّة إلّا في بيته اتباعا للسّنّة. وكان يحضر مجالسي دائما بجامع دمشق وقاسيون.

وقال أبو شامة: كان شيخ الحنابلة موفق الدّين إماما من أئمة المسلمين، وعلما من أعلام الدّين في العلم والعمل، وصنّف كتبا حسانا في الفقه وغيره، عارفا بمعاني الأخبار والآثار. سمعت عليه أشياء، وجاءه مرّة الملك العزيز بن الملك العادل يزوره، فصادفه يصلي، فجلس بالقرب منه


[١] لفظة «به» سقطت من «آ» .
[٢] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «سمعت» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٣] أقول: أخوه أبو عمر: هو محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، المتوفى سنة (٦٠٧) هـ وقد تقدم صفحة (٥٠) .
والعماد: هو إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي، أخو الحافظ عبد الغني المقدسي، توفي سنة (٦١٤) هـ وقد تقدم صفحة (١٠٥) من هذا المجلد (ع) .
[٤] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «أروع» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[٥] في «ط» : «عفوفا» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>