فاقتصروا عن قواعد إبراهيم ستة أذرع أو سبعة، وهي الحجر، ولما عزم ابن الزّبير على ذلك فرقت الناس، وخرج بعضهم هاربا إلى الطائف، وإلى عرفات، ومنى وطلع ابن الزّبير بنفسه واتّخذ معه عبدا حبشيا دقيق السّاقين رجاء أن يكون ذا السّويقتين الحبشي الذي يهدم الكعبة [١] ، وأما الحجّاج فلم يهدمها إلّا أنفة أن يبقى هذا الشّرف والمكرمة لابن الزّبير، واختلفوا كم بنيت مرّات، فقيل: سبعا، وقيل: خمسا، ومنشأ الخلاف أنّها هل بنيت قبل بناء إبراهيم، أو هو أول من بناها؟.
[١] قلت: وذلك أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «يخرّب الكعبة ذو السّويقتين من الحبشة» رواه البخاري رقم (١٥٩٦) في الحج: باب هدم الكعبة، ومسلم رقم (٢٩٠٩) في الفتن: باب لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، ورواه النسائي (٥/ ٢١٦) في الحج: باب بناء الكعبة. وقال ابن الأثير في «جامع الأصول» (٩/ ٣٠٢) : ذو السويقتين: الساق: ساق الإنسان، وهي مؤنثة، وتصغيرها: سويقة بالتاء، على قياس تصغير أمثالها، وتثنيتها: سويقتان، بإثبات التاء في التثنية، لأن تثنيتها مصغرة، وإنما صغرها لأنه أراد ضعفها ودقتها، لأن عامة الحبشة في أسواقهم دقّة وحموشة.