للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله يعلم ما أبقى سوى رمق ... منّي فراقك يا من قربه أمل

فابعث كتابك واستودعه تعزية ... فربما متّ شوقا قبل ما يصل

وكنت قد خرجت من إربل في أواخر شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة وهو معتقل بقلعتها لأمر يطول شرحه، بعد أن كان حبس بقلعة خفتيد [١] كان ثم نقل منها، وله في ذلك أشعار منها قوله:

قيد أكابده وسجن ضيّق ... يا ربّ شاب من الهموم المفرق

ومنها:

يا برق إن جئت الدّيار بإربل ... وعلا عليك من التّداني رونق

بلّغ تحيّة نازح حسراته ... أبدا بأذيال الصّبا تتعلّق

قل يا حبيب [٢] لك الفداء أسيركم ... من كلّ مشتاق إليكم أشوق

والله ما سرت الصّبا نجدية ... إلّا وكدت بدمع عيني أشرق

وبلغني بعد ذلك أنه خرج من الاعتقال، واتصل بخدمة الملك المعظم مظفّر الدّين صاحب إربل، وتقدم عنده وغيّر لباسه، وتزيّا بزي الصّوفية. فلما توفي مظفّر الدّين سافر من إربل ثم عاد إليها وقد صارت في مملكة أمير المؤمنين المستنصر بالله ونائبه بها الأمير شمس الدّين أبو الفضائل باتكين، وكان وراءه من يقصده، فاتفق أنه خرج من بيته يوما قبل الظهر، فوثب عليه شخص وضربه بسكين فأخرج حشوته، فكتب في تلك الحال إلى باتكين المذكور وهو يكابد الموت:

أشكوك يا ملك البسيطة حالة ... لم تبق رعبا في عضوا ساكنا


[١] تنبيه: كذا في «آ» و «ط» و «وفيات الأعيان» : «خفتيد» بالدال المهملة كذا قيدها ابن خلّكان في «وفيات الأعيان» (٣/ ٥٠٥) . وفي «معجم البلدان» (٢/ ٣٨٠) «خفتيذ» بالذال المعجمة.
[٢] في «وفيات الأعيان» : «يا جعلت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>