للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها ابن شدّاد قاضي القضاة بهاء الدّين أبو العزّ يوسف بن رافع بن تميم الأسدي الحلبي الشافعي [١] .

ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وقرأ القراءات والعربية بالموصل على يحيى بن سعدون القرطبي. وسمع من حفدة العطاردي وطائفة، وبرع في الفقه والعلوم، وساد أهل زمانه، ونال رئاسة الدّين والدّنيا، وصنّف التصانيف.

قال ابن شهبة: سمع من جماعة كثيرة ببغداد وغيرها، وأعاد بالنظامية في حدود سنة سبعين، ثم انحدر إلى الموصل، ودرّس بمدرسة الكمال الشهرزوري، ثم حجّ سنة ثلاث وثمانين، وزار الشام واصتل بالسلطان صلاح الدّين وحظي عنده، وولاه قضاء العسكر وقضاء بيت المقدس، وصنّف له كتابا في فضل الجهاد. ولما توفي اتصل بولده الظاهر وولاه قضاء حلب ونظر أوقافها، وأجزل رزقه وعطاءه، وأقطعه إقطاعا جزيلا، ولم يكن له ولد ولا قرابة، فكان ما يحصل له يتوفر عنده، فبنى به مدرسة وإلى جانبها [٢] ، دار حديث وبينهما [٣] تربة، وقصده الطلبة للدّين والدّنيا، وعظم شأن الفقهاء في زمانه لعظم قدره وارتفاع منزلته.

قال عمر بن الحاجب: كان ثقة عارفا بأمور الدّين، اشتهر اسمه وسار ذكره، وكان ذا صلاح وعبادة، وكان في زمانه كالقاضي أبي يوسف في زمانه. دبّر أمر الملك بحلب، واجتمعت الألسن على مدحه، وطوّل ابن خلّكان ترجمته، وهو ممن أخذ عنه.


[١] انظر «وفيات الأعيان» (٧/ ٨٤- ٨٥) و «العبر» (٥/ ١٣٢) و «تاريخ الإسلام» (٦٤/ ١١٧- ١٢١) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (٢٦١) و «سير أعلام النبلاء» (٢٢/ ٣٨٣- ٣٨٧) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٢/ ١٢٠- ١٢٢) .
[٢] في «آ» و «ط» : «وإلى جنبها» وأثبت لفظ «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة.
[٣] في «آ» و «ط» : «وبينها» والتصحيح من «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>