للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا وجب تأويل أفعالهم وجب تأويل أقوالهم، إذ لا فرق، وكان المجد صاحب «القاموس» عظيم الاعتقاد في ابن عربي، ويحمل كلامه على المحامل الحسنة، وطرّز شرحه ل «البخاريّ» بكثير من كلامه. انتهى.

وأقول: ومما يشهد بذلك، ما أجاب به على سؤال رفع إليه، لفظه:

ما تقول العلماء- شدّ الله بهم أزر الدّين ولمّ بهم شعث المسلمين- في الشيخ محيي الدّين بن العربي، وفي كتبه المنسوبة إليه، ك «الفتوحات» و «الفصوص» وغيرهما، هل تحلّ قراءتها وإقراؤها للناس أم لا؟ أفتونا مأجورين. فأجاب- رحمه الله رحمة واسعة-: اللهم أنطقنا بما فيه رضاك، الذي أقوله في حال المسؤول عنه، وأعتقده وأدين الله سبحانه وتعالى به، أنه كان شيخ الطريقة حالا وعلما، وإمام الحقيقة حدّا ورسما، ومحيي رسول المعارف فعلا واسما، إذا تغلغل فكر المرء في طرف من بحره [١] غرقت فيه خواطره في عباب لا تدركه الدّلاء، وسحاب تتقاصر عنه الأنواء، وأما دعواته فإنها تخرق السبع الطباق، وتفترق بركاته فتملأ الآفاق، وإني أصفه، وهو يقينا فوق ما وصفته، وغالب ظني أني ما أنصفته:

وما عليّ إذا ما قلت معتقدي ... دع الجهول يظنّ الجهل عدوانا

والله تالله بالله العظيم ومن ... أقامه حجّة لله برهانا

إنّ الذي قلت بعض من مناقبه ... ما زدت إلّا لعلّي زدت نقصانا

وأما كتبه فإنها البحار الزّواخر، جواهرها لا يعرف لها أول من آخر، ما وضع الواضعون مثلها، وإنما خصّ الله بمعرفتها أهلها، فمن خواص كتبه أنه من لازم مطالعتها والنظر فيها انحلّ فهمه لحلّ المشكلات وفهم المعضلات، وهذا ما وصلت إليه طاقتي في مدحه، والحمد لله رب العالمين.


[١] كذا في «ط» : «بحره» وفي «آ» : «مجده» .

<<  <  ج: ص:  >  >>