للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد بقرية بسر من حوران [١] ، ونشأ بدمشق، وتعلّم بها نسج العتابي، ثم تمفقر وعظم أمره وكثر أتباعه، وأقبل على المطيبة والراحة والسماعات والملاح، وبالغ في ذلك، فمن يحسّن الظن به يقول: هو كان صحيحا في نفسه صاحب حال ووصول. ومن خبر أمره رماه بالكفر والضلال، وهو أحد من لا يقطع له بجنة ولا نار، فإنا لا نعلم بما يختم له به، لكنه توفي في يوم شريف يوم الجمعة قبل العصر، السادس والعشرين من رمضان وقد نيّف على التسعين. مات فجأة قاله في «العبر» .

وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : هو صاحب الزاوية التي بظاهر دمشق بالشرف الأعلى القبلي، التي يجتمع بها الناس للسماعات، يقال لها:

زاوية الحريري، وقف عليه في أول أمره دراهم فحبسه أصحاب الديوان، فبات تلك الليلة في الحبس بلا عشاء، فلما أصبح صلّى بالمحتبسين [٢] صلاة الصبح، وجعل يذكر بهم إلى ضحوة، وأمر كلّ من جاءه شيء من المأكول من أهله أن يشيله، فلما كان وقت الظهر أمرهم أن يمدوا الأكل سماطا، فأكل كل من في الحبس وفضل شيء كثير، فأمرهم بشيله. وصلّى بهم الظهر، وأمرهم أن يناموا ويستريحوا، ثم صلّى بهم العصر، وجعل يذكر بهم إلى المغرب، ثم صلّى بهم المغرب وقدّم ما حضر، وبقي على هذا الحال، فلما كان في اليوم الثالث أمرهم أن ينظروا في حال المحتبسين وكلّ من كان محبوسا على دون المائة يجبون له من بينهم ويرضون غريمه ويخرجونه، فخرج جماعة، وشرع الذين خرجوا يسعون في خلاص من بقي، وأقام ستة أشهر محبوسا، وجبوا له وأخرجوه، فصار كلّ يوم يتجدد له أتباع إلى أن آل من أمره ما آل.


[١] انظر خبرها في «معجم البلدان» (١/ ٤٢٠) .
[٢] في «آ» و «ط» : بالمحتسبين» وما أثبته يقتضيه سياق النص.

<<  <  ج: ص:  >  >>